ابن عروة عن أبيه عن عائشة أنها نزلت في المرأة تكون عند الرجل ويريد طلاقها ويتزوج غيرها فتقول أمسكنى ولا تطلقني ثم تزوج وأنت في حل من النفقة والقسمة لي فذلك قوله تعالى (فَلا جُناحَ عَلَيْهِما) إلى قوله تعالى (وَالصُّلْحُ خَيْرٌ) وعن عائشة من طرق كثيرة أن سودة وهبت يومها لعائشة فكان النبي صلىاللهعليهوسلم يقسم به لها قال أبو بكر فهذه الآية دالة على وجوب القسم بين النساء إذا كان تحته جماعة وعلى وجوب الكون عندها إذا لم تكن عنده إلا واحدة وقضى كعب بن سور بأن لها يوما من أربعة أيام بحضرة عمر فاستحسنه عمرو وولاه قضاء البصرة وأباح الله أن تترك حقها من القسم وأن تجعله لغيرها من نسائه وعموم الآية يقتضى جواز اصطلاحا على ترك المهر والنفقة والقسم وسائر ما يجب لها بحق الزوجية إلا أنه إنما يجوز لها إسقاط ما وجب من النفقة للماضي فأما المستقبل فلا تصح البراءة منه وكذلك لو أبرأت من الوطء لم يصح إبراؤها وكان لها المطالبة بحقها منه وإنما يجوز بطيب نفسها بترك المطالبة بالنفقة وبالكون عندها فأما أن تسقط ذلك في المستقبل بالبراءة منه فلا ولا يجوز أيضا أن يعطيها عوضا على ترك حقها من القسم أو الوطء لأن ذلك أكل مال بالباطل أو ذلك حق لا يجوز أخذ العوض عنه لأنه لا يسقط مع وجوب السبب الموجب له وهو عقد النكاح وهو مثل أن تبرئ الرجل من تسليم العبد المهر فلا يصح لوجود ما يوجبه وهو العقد فإن قيل فقد أجاز أصحابنا أن يخلعها على نفقة عدتها فقد أجازوا البراءة من نفقة لم تجب بعد مع وجود السبب الموجب لها وهي العدة قيل له لم يجيزوا البراءة من النفقة ولا فرق بين المختلعة والزوجة في امتناع وقوع البراءة من نفقة لم تجب بعد ولكنه إذا خالعها على نفقة العدة فإنما جعل الجعل مقدار نفقة العدة والجعل في الخلع يجوز فيه هذا القدر من الجهالة فصار ذلك في ضمانها بعقد الخلع ثم ما يجب لها بعد من نفقة العدة في المستقبل يصير قصاصا بماله عليها وقد دلت الآية على جواز اصطلاحهما من المهر على ترك جميعه أو بعضه أو على الزيادة عليه لأن الآية لم تفرق بين شيء من ذلك وأجازت الصلح في سائر الوجوه وقوله تعالى (وَالصُّلْحُ خَيْرٌ) قال بعض أهل العلم يعنى خير من الإعراض والنشوز وقال آخرون من الفرقة وجائز أن يكون عموما في جواز الصلح في سائر الأشياء إلا ما خصه الدليل ويدل على جواز الصلح عن إنكار والصلح من