ما لا يجرح من ذلك فهو وقيذ محرم بظاهر الكتاب والسنة وفي حديث قتادة عن عقبة ابن صهبان عن عبد الله بن مغفل عن النبي صلىاللهعليهوسلم نهى عن الخذف وقال إنها لا تنكأ العدو ولا تصيد الصيد ولكنها تكسر السن وتفقأ العين فدل ذلك على أن الجراحة في مثله لا تذكى إذ ليس له حد وإنما الجراحة التي لها حكم في الذكاة هي ما يقع بماله حد ألا ترى أن النبي قال في المعراض إن أصابه بحده فخزق فكل وإن أصابه بعرضه فلا تأكل ولا يفرق بين ما يجرح ولا يجرح فدل ذلك على اعتبار الآلة وأن سبيلها أن يكون لها حد في صحة الذكاة بها وكذلك قوله في الحذف أنها لا تصيد الصيد يدل على سقوط اعتبار جراحته في صحة الذكاة إذا لم يكن له حد* وأما البعير ونحوه إذا توحش أو تردى في بئر فإن الذي يدل على أنه بمنزلة الصيد في ذكاته ما حدثنا عبد الباقي بن قانع قال حدثنا بشر بن موسى قال حدثنا سفيان عن عمرو بن سعيد بن مسروق عن أبيه عن عباية بن رفاعة عن رافع بن خديج قال ند علينا بعير فرميناه بالنبل ثم سألنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال إن لهذه الإبل أو ابد كأوابد الوحش فإذا ند منها شيء فاصنعوا به ذلك وكلوه وقال سفيان وزاد إسماعيل بن مسلم فرميناه بالنبل حتى رهصناه (١) فهذا يدل على إباحة أكله إذا قتله النبل لإباحة النبي صلىاللهعليهوسلم من غير شرط ذكاة غيره وحدثنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا أحمد بن يونس قال حدثنا حماد بن سلمة عن أبى العشراء عن أبيه أنه قال يا رسول الله أما تكون الذكاة إلا في اللبة والنحر فقال صلىاللهعليهوسلم لو طعنت في فخذها لأجزأ عنك وهذا على الحال التي لا يقدر فيها على ذبحها إذ لا خلاف أن المقدور على ذبحه لا يكون ذلك ذكاته * ويدل على صحة قولنا من طريق النظر اتفاق الجميع على أن رمى الصيد يكون ذكاة له إذا قتله ثم لا يخلو المعنى الموجب لكون ذلك ذكاة من أحد وجهين إما أن يكون ذلك لجنس الصيد أو لأنه غير مقدور على ذبحه فلما اتفقوا عل أن الصيد إذا صار في يده حيا لم تكن ذكاته إلا بالذبح كذكاة ما ليس من جنس الصيد دل ذلك على أن هذا الحكم لم يتعلق بجنسه وإنما تعلق بأنه غير مقدور على ذبحه في حال امتناعه فوجب مثله في غيره إذا صار بهذه الحال لوجود العلة التي من أجلها كان ذلك ذكاة للصيد* واختلف الفقهاء في الصيد يقطع بعضه فقال أصحابنا والثوري
__________________
(١) قوله رهصناه أى أوهناه.