طريق الدين فيرجع ذلك إلى معنى الحلال الذي لا تبعة على متناوله وجائز أن يحتج بظاهره في إباحة جميع الأشياء المستلذة إلا ما خصه الدليل قوله تعالى (وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ) حدثنا عبد الباقي بن قانع قال حدثنا يعقوب بن غيلان العماني قال حدثنا هناد ابن السرى قال حدثنا يحيى بن زكريا قال حدثنا إبراهيم بن عبيد قال حدثني أبان بن صالح عن القعقاع بن حكيم عن سلمى عن أبى رافع قال أمرنى رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن أقتل الكلاب فقال الناس يا رسول الله ما أحل لنا من هذه الأمة التي أمرت بقتلها فأنزل الله (قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ) الآية حدثنا عبد الباقي قال حدثنا عبد الله بن أحمد ابن حنبل وابن عبدوس بن كامل قالا حدثنا عبيد الله بن عمر الجشمي قال حدثنا أبو معشر النواء قال حدثنا عمرو بن بشير قال حدثنا عامر الشعبي عن عدى بن حاتم قال لما سألت رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن صيد الكلاب لم يدر ما يقول لي حتى نزلت (وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ) قال أبو بكر قد اقتضى ظاهر هذا الحديث الأول أن تكون الإباحة تناولت ما علمنا من الجوارح وهو ينتظم الكلب وسائر جوارح الطير وذلك يوجب إباحة سائر وجوه الانتفاع بها فدل على جواز بيع الكلب والجوارح والانتفاع بها بسائر وجوه الانتفاع إلا ما خصه الدليل وهو الأكل ومن الناس من يجعل في الكلام حذفا فجعله بمنزلة قل أحل لكم الطيبات من صيد ما علمتم من الجوارح ويستدل عليه بحديث عدى ابن حاتم الذي ذكرناه حين سأله عن صيد الكلاب فانزل الله تعالى (وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ) وحديث أبى رافع فيه أنه سئل عما أحل من الكلاب التي أمروا بقتلها فأنزل الله تعالى الآية وليس يمتنع أن تكون الآية منتظمة لإباحة الانتفاع بالكلاب وبصيدها جميعا وحقيقة اللفظ تقتضي الكلاب أنفسها لأن قوله (وَما عَلَّمْتُمْ) يوجب إباحة ما علمنا وإضمار الصيد فيه يحتاج إلى دلالة وفي فحوى الآية دليل على إباحة صيدها أيضا وهو قوله (فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ) فحمل الآية على المعنيين واستعمالها فيهما على الفائدتين أولى من الاقتصار على أحدهما وقد دلت الآية أيضا على أن شرط إباحة الجوارح أن تكون متعلمة لقوله (وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ) وقوله (تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللهُ) وأما الجوارح فإنه قد قيل إنها الكواسب للصيد على أهلها وهي الكلاب وسباع الطير التي يصاد بها غيرها وأحدها جارح ومنه سميت الجارحة لأنه يكسب بها قال الله تعالى (ما جَرَحْتُمْ