فأصاب جميع أعضائه أنه يجزيه من غير فعل له فيه ولو كان ذلك مفروضا لنفسه لما أجزأه دون أن يفعله هو أو يأمر به غيره لأن هذا حكم المفروض* فإن قيل فالتيمم غير مفروض لنفسه ولا يصح مع ذلك إلا بالنية فليس إيجاب النية مقصورا على ما كان مفروضا لنفسه قيل له هذا غير لازم لأنا لم نخرج هذا القول مخرج الاعتلال فتلزمنا عليه المناقضة وإنما بينا أن لفظ الأمر إذا ورد فيما كان وصفه ما ذكرنا فإنه لا يقتضى إيجاب النية شرطا فيه إلا بدلالة أخرى من غيره فإنما أسقطنا بذلك احتجاج من احتج بظاهر ورود الأمر في إيجاب النية وفي مضمون لفظ التيمم إيجاب النية إذ كان التيمم في اللغة اسما للقصد قال الله تعالى (وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ) يعنى لا تقصدوا وقال الشاعر :
ولن يلبث العصر ان يوم وليلة |
|
إذا طلبا أن يدركا ما تيمما |
وقال آخر :
فإن تلى خيلى قد أصيب صميمها |
|
فعمدا على عين تيممت مالكا |
وقال الأعشى :
تيممت قيسا وكم دونه |
|
من الأرض من مهمه ذي شزن |
يعنى قصدته فلما كان في لفظ الآية إيجاب القصد والقصد هو النية لفعل ما أمر به جعلنا النية شرطا ولم يكن في إيجاب النية لحاق زيادة بالآية غير مذكورة فيها وأما الغسل فلا تنطوى تحته النية وفي إيجابها فيه إثبات زيادة فيها ليست منها وذلك غير جائز ووجه آخر في الفصل بين التيمم والوضوء وهو أن التيمم قد يقع تارة عن الغسل وتارة عن الوضوء وهو على صفة واحدة في الحالين فاحتيج إلى النية للفصل بين حكميهما لأن النية إنما شرطت لتمييز أحكام الأفعال فلما كان حكم التيمم قد يختلف فيقع تارة عن الغسل وتارة عن الوضوء احتيج إلى النية فيه لتمييز ما يقع منه عن الغسل عما يقع منه عن الوضوء وأما الغسل لا يختلف حكمه في نفسه ولا فيما يقع له فاستغنى عن النية فيه والتمييز إذ كان المقصد منه إيقاع الفعل كما قبل لا تصل حتى تغسل النجاسة من بدنك أو ثوبك ولا تصل إلا مستور العورة وليس يقتضى شيء من ذلك إيجاب النية فيه* ويدل على ما ذكرنا من جهة السنة حديث رفاعة بن رافع وأبى هريرة عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم في تعليمه الأعرابى