اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) وقوله تعالى (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ) فجعل ذوى الأرحام أولى من الحلفاء ولم يبطل بذلك ميراث الحلفاء أصلا بل جعل ذوى الأنساب أولى منهم كما جعل الابن أولى من الأخ فإذا لم يكن ذوو الأنساب جاز له أن يجعل ماله على أصل ما كان عليه حكم التوارث لحلف وأيضا فإن الله تعالى أوجب سهام المواريث بعد الوصية بقوله تعالى (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ) وقال (لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ) وقد بينا أن ظاهر قوله تعالى (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ) يقتضى جواز الوصية بجميع المال لو لا قيام دلالة الإجماع والسنة على منع ذلك ووجوب الاقتصار بها على الثلث وإيجاب نصيب الرجال والنساء من الأقربين فمتى عدم من وجب به تخصيص الوصية في بعض المال وجب استعمال اللفظ في جواز الوصية بجميع المال على ظاهره ومقتضاه ويدل عليه قوله صلىاللهعليهوسلم في حديث سعد إنك أن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس فأخبر أن منع الوصية بأكثر من الثلث إنما هو لحق الورثة ويدل عليه حديث الشعبي وغيره عن عمرو بن شرحبيل قال قال عبد الله بن مسعود ليس من حي من العرب أحرى أن يموت الرجل منهم ولا يعرف له وارث منكم معشر همدان فإذا كان ذلك فليضع ماله حيث أحب ولا يعلم له مخالف من الصحابة وأيضا فإنه لا يخلو من لا وارث له إذا مات من أن يستحق المسلمون ماله من جهة الميراث أو من جهة أنه مال لا مالك له فيضعه الإمام حيث يرى فلما جاز أن يستحقه الرجل مع ابنه ومع أبيه والبعيد مع القريب علمنا أنه غير مستحق لهم على وجه الميراث لأن الأب والجد لا يجتمعان في استحقاق ميراث واحد من جهة الأبوة وأيضا لو كان ميراثا لم يجز حرمان واحد منهم لأن سبيل الميراث أن لا يخص به بعض الورثة دون بعض وأيضا لو كان ميراثا لوجب أن يكون لو كان الميت رجلا من همدان ولا يعرف له وارث أن يستحق ميراثه أهل قبيلته لأنهم أقرب إليه من غيرهم فلما كان إنما يستحقه بيت المال للمسلمين وللإمام أن يصرفه إلى من شاء من الناس ممن يراه أهلا له دل ذلك على أن المسلمين لا يأخذونه ميراثا وإذا لم يأخذوه ميراثا وإنما كان للإمام صرفه إلى حيث يرى لأنه مالك له فمالكه أولى بصرفه إلى من يرى ومن جهة أخرى أنهم إذا لم يأخذوه ميراثا أشبه الثلث الذي يوصى به الميت