مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا) ومعناه وكان من الذين آمنوا وقوله تعالى (ثُمَّ اللهُ شَهِيدٌ) ومعناه والله شهيد وكما تجيء أو بمعنى الواو كقوله تعالى (إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللهُ أَوْلى بِهِما) ومعناه إن يكن غنيا وفقيرا فكذلك لا يمتنع أن يريد بالواو الترتيب فتكون مجازا ولا يجوز حملها عليه إلا بدلالة* فإن قيل سئل ابن عباس وقيل له كيف تأمر بالعمرة قبل الحج والله سبحانه يقول (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) فقال كيف تقرءون الدين قبل الوصية أو الوصية قبل الدين قالوا الوصية قال فبأيهما تبدؤن قالوا بالدين قال فهو ذاك فلو لا أن في لسانهم الترتيب في الفعل على حسب وجوده في اللفظ لما سألوه عن ذلك قيل له كيف يحتج بقول هذا السائل وهو قد جهل ما فيه الترتيب بلا خلاف بين أهل اللغة فيه وهو قوله (فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ) وهذا اللفظ لا محالة يوجب ترتيب فعل الحج على العمرة وتقديمها عليه فمن جهل هذا لم ينكر منه الجهل بحكم اللفظ في قوله تعالى (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) وما يدرى هذا القائل أن هذا السائل كان من أهل اللغة وعسى أن يكون ممن أسلم من العجم ولم يكن من أهل المعرفة باللسان وأيهما أولى قول ابن عباس في أن ترتيب اللفظ لا يوجب ترتيب الفعل أو قول هذا السائل فلو لم يكن في إسقاط قول القائلين بالترتيب إلا قول ابن عباس لكان كافيا مغنيا* فإن قيل قد روى عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال ابدءوا بما بدأ الله به وقال تعالى (إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ) فقوله ابدءوا بما بدأ الله به أمر يقتضى التبدئة بما بدأ الله به في اللفظ والحكم وقوله عز وجل (فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ) لزوم في عموم اتباعه مرتبا إذا ورد اللفظ كذلك قيل له وأما قوله ابدءوا بما بدأ الله به فإنما ورد في شأن الصفا والمروة فذكر بعضهم القصة على وجهها وحفظ بعضهم ذكر السبب واقتصر على قوله صلىاللهعليهوسلم ابدءوا بما بدأ الله به وغير جائز لنا أن نجعلهما حديثين ونثبت من النبي صلىاللهعليهوسلم القول في حالين إلا بدلالة توجب ذلك وأيضا فنحن نبدأ بما بدأ الله به وإنما الكلام بيننا وبين مخالفينا في مراد الله من التبدئة بالفعل إذا بدأ به في اللفظ فالواجب أن نثبت أن الله قد أراد ترتيب الحكم حتى نبدأ به وكذلك الجواب في قوله (فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ) لأن اتباع قرآنه أن نبدأ به على ترتيبه ونظامه وواجب أن نبدأ بحكم القرآن على حسب مراده من ترتيب أو جمع وغيره وأنت متى أوجبت الترتيب فيما لا يقتضى المراد ترتيبه فلم تتبع قرآنه وترتيب