بوجود الكسوة كتعلقه بوجود الرضاع فلذلك احتجنا إلى حصول الاسم والفعل المتعلق به وكذلك قوله تعالى (وَأَخَواتُكُمْ مِنَ الرَّضاعَةِ) يقتضى ظاهره كونها أختا بوجود الرضاع إذا كان اسم الأخوة مستفادا بوجود الرضاع لا بمعنى آخر سواه* ويدل على أن ذلك مفهوم الخطاب ومقتضى القول ما رواه عبد الوهاب بن عطاء عن أبى الربيع عن عمرو بن دينار قال جاء رجل إلى ابن عمر فقال إن ابن الزبير يقول لا بأس بالرضعة والرضعتين فقال ابن عمر قضاء الله خير من قضاء ابن الزبير قال الله تعالى (وَأَخَواتُكُمْ مِنَ الرَّضاعَةِ) فعقل ابن عمر من ظاهر اللفظ التحريم بقليل الرضاع* واختلف السلف ومن بعدهم في التحريم بقليل الرضاع فروى عن عمرو على وابن عباس وابن عمرو الحسن وسعيد بن المسيب وطاوس وإبراهيم والزهري والشعبي قليل الرضاع وكثيره يحرم في الحولين وهو قول أبى حنيفة وأبى يوسف ومحمد وزفر ومالك والثوري والأوزاعى والليث قال الليث اجتمع المسلمون على أن قليل الرضاع وكثيره يحرم في المهد ما يفطر الصائم وقال ابن الزبير والمغيرة بن شعبة وزيد بن ثابت لا تحرم الرضعة ولا الرضعتان وقال الشافعى لا يحرم من الرضاع إلا خمس رضعات متفرقات* قاله أبو بكر وقد ذكرنا في سورة البقرة الكلام في مدة الرضاع والاختلاف فيها وقد قدمنا ذكر دلالة الآية على إيجاب التحريم بقليل الرضاع وغير جائز لأحد إثبات تحديد الرضاع الموجب للتحريم إلا بما يوجب العلم من كتاب أو سنة منقولة من طريق التواتر ولا يجوز قبول أخبار الآحاد عندنا في تخصيص حكم الآية الموجبة للتحريم بقليل الرضاع لأنها آية محكمة ظاهرة المعنى بينة المراد لم يثبت خصوصها بالاتفاق وما كان هذا وصفه فغير جائز تخصيصه بخبر الواحد ولا بالقياس ويدل عليه من جهة السنة قول النبي صلىاللهعليهوسلم إنما الرضاعة من المجاعة رواه مسروق عن عائشة عن النبي صلىاللهعليهوسلم ولم يفرق بين القليل والكثير فهو محمول عليهما جميعها ويدل عليه أيضا ما روى عن النبي صلىاللهعليهوسلم من جهة التواتر والاستفاضة أنه قال يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب رواه على وابن عباس وعائشة وحفصة عن النبي صلىاللهعليهوسلم وتلقاه أهل العلم بالقبول والاستعمال فلما حرم النبي صلىاللهعليهوسلم من الرضاع ما يحرم من النسب وكان معلوما أن النسب متى ثبت من وجه أوجب التحريم وإن لم يثبت من وجه آخر كذلك الرضاع يجب أن يكون هذا حكمه في إيجاب