ومن الجمع أيضا أن يجمع بين وطئهما بملك اليمين فيطأ إحداهما ثم يطأ الأخرى قبل إخراج الموطوءة الأولى من ملكه فهذا ضرب من الجمع وقد كان فيه خلاف بين السلف ثم زال وحصل الإجماع على تحريم الجمع بينهما بملك اليمين وروى عن عثمان وابن عباس أنهما أباحا ذلك وقالا أحلتهما آية وحرمتهما آية وقال عمر وعلى وابن مسعود والزبير وابن عمر وعمار وزيد بن ثابت لا يجوز الجمع بينهما بملك اليمين وقال الشعبي سئل على عن ذلك فقال أحلتهما آية وحرمتهما آية فالحرام أولى وروى عبد الرحمن المقري قال حدثنا موسى بن أيوب الغافقي قال حدثني عمى أياس بن عامر قال سألت على بن أبى طالب عن الأختين بملك اليمين وقد وطئ إحداهما هل يطأ الأخرى فقال أعتق الموطوءة حتى يطأ الأخرى وقال ما حرم الله من الحرائر شيئا إلا حرم من الإماء مثله إلا عدد الأربع وروى عن عمار مثل ذلك* قال أبو بكر أحلتهما آية يعنون به قوله تعالى (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) وقوله حرمتهما آية قوله (وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ) فروى عن عثمان الإباحة وروى عنه أنه ذكر التحريم والتحليل وقال لا آمر ولا أنهى عنه وهذا القول منه يدل على أنه كان ناظرا فيه غير قاطع بالتحليل والتحريم فيه فجائز أن يكون قال فيه بالإباحة ثم وقف فيه وقطع على فيه بالتحريم وهذا يدل على أنه كان من مذهبه أن الحظر والإباحة إذا اجتمعا فالحظر أولى إذا تساوى سبباهما وكذلك يجب أن يكون حكمهما في الأخبار المروية عن النبي صلىاللهعليهوسلم ومذهب أصحابنا يدل على أن ذلك قولهم وقد بيناه في أصول الفقه وقد روى أياس بن عامر أنه قال لعلى إنهم يقولون إنك تقول أحلتهما آية وحرمتهما آية فقال كذبوا وهذا يحتمل أن يريد به نفى المساواة في مقتضى الآيتين وإبطال مذهب من يقول بالوقف فيه على ما روى عن عثمان لأنه قال في رواية الشعبي أحلتهما آية وحرمتهما آية والتحريم أولى وإنكاره أن يكون أحلتهما آية وحرمتهما آية إنما هو على جهة أن آيتي التحليل والتحريم غير متساويتين في مقتضاهما وأن التحريم أولى من التحليل ومن جهة أخرى أن إطلاق القول بأنه أحلتهما آية وحرمتهما آية من غير تقييد هو قول منكر لاقتضاء حقيقته أن يكون شيء واحد مباحا محظورا في حال واحدة فجائز أن يكون على رضى الله عنه أنكر إطلاق القول بأنه أحلتهما آية وحرمتهما آية من هذا الوجه وأنه إذا كان مقيدا بالقطع