عنها زوجها غير الحامل ولا سكنى فوجب أن تكون الحامل مثلها لا تفاق الجميع على أن هذه النفقة غير مستحقة للحمل ألا ترى أن أحدا منهم لم يوجبها في نصيب الحمل من الميراث وإنما قالوا فيه قولين قائل يجعل نفقتها من نصيبها وقائل يجعل النفقة من جميع مال الميت ولم يوجبها أحد في حصة الحمل فلما تجب النفقة لأجل الحمل ولم يجز أن تكون مستحقة لأجل كونها في العدة لأنها لو وجبت للعدة لوجبت لغير الحامل فلم يبق وجه تستحق به النفقة وأيضا لما لم تستحق السكنى في مال الزوج بدلائل قد قامت عليه لم تستحق النفقة وأيضا فإن النفقة إذا وجبت فإنما تجب حالا فحالا فلما مات الزوج انتقل ميراثه إلى الورثة وليس للزوج مال في هذا الحال وإنما هو مال الوارث فلا يجوز إيجابها عليهم فإن قيل تصير بمنزلة الدين قيل له الدين الذي يثبت في ميراث المتوفى إنما يثبت بأحد وجهين إما أن يكون ثابتا على الميت في حياته أو يتعلق وجوبه بسبب كان من الميت قبل موته مثل الجنايات وحفر البئر إذا وقع فيها إنسان بعد موته والنفقة خارجة عن الوجهين فلا يجوز إيجابها في ماله لعدم السبب الذي به تعلق وجوب النفقة وعدم ماله بزواله إلى الورثة ألا ترى أن النكاح قد بطل بالموت وإن ملك الميت قد زال إلى الورثة فلم يبق لإيجاب النفقة وجه ألا ترى أن غير الحامل لا نفقة لها بهذه العلة فإن قيل قال الله تعالى (وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَ) وهو عموم في المتوفى عنها زوجها والمطلقة كما كان قوله (وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَ) عموما في الصنفين قيل له هذا غلط من قبل أن قوله تعالى (أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ) خطاب للأزواج وكذلك قوله تعالى (وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَ) خطاب لهم وقد زال عنهم الخطاب بالموت ولا جائز أن يكون ذلك خطابا لغير الأزواج فلم تقتض الآية إيجاب نفقة المتوفى عنها زوجها بحال وقوله تعالى (فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَ) قد انتظم الدلالة على أحكام منها أنها إذا رضيت بأن ترضعه بأجر مثلها لم يكن للأب أن يسترضع غيرها لأمر الله إياه بإعطاء الأجر إذا أرضعت ويدل على أن الأم أولى بحضانة الولد من كل أحد ويدل على أن الأجرة إنما تستحق بالفراغ من العمل ولا تستحق بالعقد لأنه أوجبها بعد الرضاع بقوله (فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَ) وقد دل على أن لبن المرأة وإن كان عينا فقد أجرى مجرى المنافع التي تستحق بعقود الإجارات ولذلك لم يجز أصحابنا بيع لبن المرأة