لا يجوز أن يكون ملكا للمولى وملكا للعبد لاستحالة أن يملك وإلا لكان لكل واحد جميع المال ففي هذا الخبر بعينه إثبات ما أضاف إلى العبد ملكا للبائع فثبت أن إضافته إلى العبد على وجه اليد كما تقول هذه دار فلان وهو ساكن فيها وليس بمالك وكقوله صلىاللهعليهوسلم أنت ومالك لأبيك ولم يرد إثبات ملك الأب فإن قيل قد روى عبيد الله بن أبى جعفر عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال من أعتق عبدا فماله له إلا أن يشترط السيد ماله فيكون له وهذا يدل على أن العبد يملك لأنه لو لم يملكه قبل العتق لم يملكه بعده قيل له لا دلالة في هذا على أن العبد يملك لأنه جائز أن يكون جريان العادة بأن ما على العبد من الثياب ونحو ذلك لا يؤخذ منه عند العتق جعله كالمنطوق به وجعل ترك المولى لأخذه منه دلالة على أنه قد رضى منه بتمليكه إياه بعد العتق وأيضا فقد روى عن جماعة من أهل النقل تضعيفه وقد قيل أن عبيد الله بن أبى جعفر غلط في رفع هذا الحديث وفي متنه وإن أصله ما رواه أيوب عن نافع عن ابن عمر أنه كان إذا أعتق عبدا لم يعرض لماله فهذا هو أصل الحديث فأخطأ عبيد الله في رفعه وفي لفظه وقد روى خلاف ذلك عن النبي صلىاللهعليهوسلم وهو ما رواه أبو مسلم الكجي قال حدثنا محمد بن عبد الله الأنصارى قال حدثنا عبد الأعلى بن أبى المساور عن عمران بن عمير عن أبيه قال وكان مملوكا لعبد الله بن مسعود قال له عبد الله يا عمير بين لي مالك فإنى أريد أن أعتقك إنى سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول من أعتق عبدا فماله للذي أعتق وكذلك رواه يونس بن إسحاق عن ابن عمير عن ابن مسعود مرفوعا وقد بلغنا أن المسعودي رواه موقوفا على ابن مسعود وذلك لا يفسده عندنا فإن احتج محتج بقوله تعالى (وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) وذلك عائد على جميع المذكورين من الأيامى والعبيد والإماء فأثبت للعبد الغنى والفقر فدل على أنه يملك إذ لو لم يملك لكان أبدا فقيرا قيل له لا يخلو قوله (إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) من أن يكون المراد به الغنى بالوطء الحلال عن الحرام أو الغنى بالمال فلما وجدنا كثيرا من المتزوجين لا يستغنون بالمال ومعلوم أن مخبر أخبار الله لا محالة كائن على ما أخبر به علمنا أنه لم يرد به الغنى بالمال وإنما أراد الغنى بالوطء الحلال عن الحرام وأيضا فإنه إن أراد الغنى بالمال فإنه مقصور على الأيامى والأحرار المذكورين في الآية دون العبيد