وفسّر بعضهم «القوس» بأنّه المقياس فهو مشتقّ من القياس ، وحيث انّ مقياس العرب [الذراع] وهو ما بين الزند والمرفق فيكون معنى «قاب قوسين» على هذا الرأي : مقدار ذراعين.
وورد في بعض كتب اللغة لكلمة «قاب» معنى آخر ، هو الفاصلة بين محل اليد من القوس إلى نقطة انتهاء القوس.
فبناء على هذا فإنّ «قاب قوسين» معناه مجموع انحناء القوس (فلاحظوا بدقّة) (١).
ـ بعد هذا كلّه لنرجع إلى التّفسيرين ـ
فالنظرية المشهورة الاولى تقول أنّ معلّم النّبي أمين الوحي جبرئيل الذي له قدرة خارقة.
وكان يأتي النّبي بصورة رجل حسن الطلعة ويبلّغه رسالة الله ، وظهر للنّبي بصورته الحقيقيّة مرّتين طوال فترة رسالة النّبي وعمره الشريف.
المرّة الاولى هي ما تشير إليه الآيات محلّ البحث ، إذ ظهر في الأفق الأعلى فطبق المشرق والمغرب جميعهما ، وكان عظيما حتّى أنّه هال النبي ، ثمّ دنا فاقترب من النّبي فلم يكن بينهما مسافة بعيدة إلّا بمقدار ذراعين ، والتعبير بـ «قاب قوسين» كناية عن منتهى الاقتراب.
والمرّة الثانية ـ ظهر له ـ في معراجه صلىاللهعليهوآلهوسلم وسنبيّن ذلك في الآيات المقبلة التي تتحدّث عن هذا الأمر بإذن الله.
ويرى بعض المفسّرين ممّن اختار هذه النظرية بأنّ اللقاء الأوّل الذي ظهر له جبرئيل فيها بصورته الحقيقيّة كان في غار حراء الواقع في جبل النور (٢).
__________________
(١) قالوا : هنا قلب في الكلام ، وأصله فكان قابي قوس.
(٢) هذا التّفسير وهو أنّ المراد من «شديد القوى» «جبرئيل» اختاره جماعة كثيرون منهم الطبرسي في مجمع البيان ،