وبعد أن يبيّن القرآن في الآيات (١٣١ ـ ١٣٤) ضرورة التقوى والالتزام ، واقامة القسط والشهادة لله لكي يزكي النفوس عن عوامل النفاق ، بعدئذ يعود مرة اخرى في الآيات (١٣٦ ـ ١٤٦) ليبين أن الايمان حقيقة بسيطة لا تتجزأ ، وان الذين يفرقون بين فكرة واخرى في الايمان فهم كفار ومنافقون يخادعون أنفسهم ، لأنهم يتخذون الكافرين أولياء ، وهم في الدرك الأسفل من النار.
ثم يبين السبيل الوحيد لإخراج هؤلاء من حالتهم وهو التوبة والإصلاح ، ثم الشكر والايمان ، وعدم الجهر بالسوء من القول ، وابتغاء مرضاة الله بالأعمال الصالحة.
ويكرر القرآن وبتفصيل أكثر هذه المرة بيان بساطة الايمان ، وانه حقيقة لا تتجزأ ، ويبين في الآيات (١٥٠ ـ ١٦٠) ان الذين لا يؤمنون ، بحجة عدم الاقتناع هم أناس كاذبون ومثلهم بنو إسرائيل حين سألوا موسى أن يريهم الله جهرة ، ثم اتخذوا العجل بعد أن توضحت لهم الآيات ، وانهم نقضوا الميثاق ، واختاروا الكفر بآيات الله ، واتهموا مريم بالفحشاء ، وادعوا أنهم قتلوا عيسى ، وظلموا أنفسهم وأخذوا الربا.
وفي الآيات الاخيرة من السورة يتحدث القرآن عن ضرورة الايمان بالله وبالرسول بشكل كامل ، والاعتصام بالنور الذي أنزله ، وكمثل لهذا الايمان يذكر القرآن حكما في الإرث وينهي به سورة النساء.
هذا الاستعراض الموجز لتفصيل سورة النساء ، يكشف لنا الخيط الذي يربط بين موضوعاته الرئيسية ، وهو المجتمع الاسلامي بما فيه من قيم الحق ، والعدالة والتقوى ، وبما فيه من حقوق المرأة ، واليتيم ، والسفيه والفقير ، والدفاع عن المستضعفين والمحرومين وما له من قيادة حكيمة ، وسياسية واضحة ، وإرادة