أمير المؤمنين هارون ، ومن قبل كان قد ضرب فيها في خلافة المهدي ، وكان عمر بن ماهان على البريد والصوافي في خلافة محمد بن أمير المؤمنين هارون ، ومن قبل كان قد ضرب فيها وكان ماؤها قد قل حتى قال محمد بن بشير (١) ـ رجل من أهل الطائف. فيما زعموا كان يعمل فيها ـ : إنه صلى في قعرها.
فغورها من رأسها إلى الجبل أربعون ذراعا ، كلّ ذلك بنيان ، وما بقي فهو جبل منقور ، وهو تسعة وعشرون ذراعا. وذرع حنك (٢) زمزم في السماء ذراعان وشبر ، وذرع تدوير فم زمزم أحد عشر ذراعا ، وسعة فم زمزم ثلاثة أذرع وثلثا ذراع. وعلى البئر ملبن (٣) ساج مربع فيه اثنتا عشرة بكرة يستقي عليها ، منها بكرة كان بعث بها الحسن بن مخلد إليها فكانت عليها ثم نزعت.
وأول من عمل الرخام / على زمزم والشباك وفرش أرضها بالرخام أبو جعفر أمير المؤمنين في خلافته ، ثم عملها المهدي في خلافته ، ثم غيره عمر بن فرج الرخّجي في خلافة أبي إسحاق المعتصم بالله أمير المؤمنين سنة عشرين ومائتين ، وكانت مكشوفة قبل ذلك إلا قبة صغيرة على موضع البئر ، وفي ركنها الذي يلي الصفا على يسارك كنيسة (٤) على موضع مجلس ابن عبّاس ـ رضي الله عنهما ـ ثم غيّرها عمر بن فرج ، فسقف زمزم كلها بالساج المذهب من داخل ، وجعل عليها من ظهرها الفسيفساء ، وأشرع لها جناحا صغيرا كما يدور بتربيعها ، وجعل في الجناح كما يدور سلاسل فيها قناديل يستصبح فيها في الموسم ،
__________________
(١) كذا في الأصل. وعند الأزرقي (مشير) وفي شفاء الغرام (مسير).
(٢) أي : ارتفاعه. التاج ٧ / ١٣٧.
(٣) الملبن : يطلق على البئر التي تحاط بأربعة أعمدة توضع عليها أربعة عوارض ، على كل عارضة بكرة أو أكثر ، فينزع الماء من أربع جهات. أما إذا كان على البئر عمودان فقط فيقال لها (منحاة). وانظر ص ٧٨ من هذا الجزء.
(٤) موضع كان يجلس فيه ابن عبّاس رضي الله عنهما ثم جعل عليه ساج يجلس فيه قيم زمزم ، راجع ص ص ٧٨ و٨٤ و٨٥ من هذا الجزء وانظر لسان العرب ٦ / ١٩٨.