وجعل على القبة التي بين زمزم وبيت الشراب الفسيفساء ، وكانت قبل ذلك تزوّق في كل موسم. عمل ذلك في سنة عشرين ومائتين (١).
ولم يزل الأمراء بعد ذلك تسرج في قناديل زمزم في المواسم حتى كان محمد بن سليمان (٢) الزينبي ، فأسرج فيها من السنة إلى السنة بقناديل بيض كبار ، وهو يومئذ والي مكة ، فامتثل ذلك من فعله ، وجرى ذلك إلى اليوم (٣).
وعلى زمزم كتاب كتب في صفائح ساج مذهّب كما يدور في ترابيعها ، وكتب في الصفائح التي تلي باب الكعبة ، والركن كتابا بماء الذهب ، وجعل الكتاب باسم المعتصم بالله ، ثم جعل بعد باسم جعفر المتوكل على الله ، ثم جعل اليوم باسم المعتمد على الله ، وهو :
بسم الله الرحمن الرحيم أمر خليفة الله جعفر الإمام المتوكل على الله أمير المؤمنين ـ أيّده الله ـ أن يأمر عبد الله بن محمد بن داود عامله على مكة ومخاليفها وعلى جميع أعمالها بعمل مأثرة ـ أيده الله ، ومآثرا بآية زمزم هزمة جبريل ـ صلوات الله على محمد وعليه وسلم ـ وسقاية خليله ونبيه ابراهيم وذبيحه اسماعيل ـ صلى الله عليهما وسلّم ـ ومأثرة العباس بن عبد المطلب ـ رضي الله عنه ـ عم رسول الله صلّى الله عليه وسلم وبقية آبائه ووارثه دون جميع خلقه وعباده وأبي الخلفاء ، فأطال الله بقاء أمير المؤمنين [...](٤) من الله ـ عزّ وجلّ ـ ومن رسوله ، فأجزل الله أجرهما ومثوبتهما وأدام عمارة الإسلام ومآثره بهما انه على كل شيء قدير.
__________________
(١) أنظر هذه الأخبار عند الأزرقي ٢ / ٦١ ـ ٦٢. وابن رسته ص : ٤٢ ـ ٤٣.
(٢) أنظر ترجمته في العقد الثمين ٢ / ٢٢.
(٣) ذكره الفاسي في العقد الثمين ٢ / ٢٣ نقلا عن الفاكهي.
(٤) بياض في الأصل.