وألغ إلّا ذات توكيد كلا |
|
تمرر بهم إلّا الفتى إلّا العلا |
يعنى أن إلا إذا تكررت للتوكيد ألغيت وإلغاؤها هو أن لا تنصب وتلغى مع البدل نحو ما قام إلا أخوك إلا زيد فلو أسقطت إلا لصح الكلام فتقول ما قام إلا أخوك زيد وكررت لتوكيد إلا الأولى ومثله بقوله إلا الفتى إلا العلا فالعلا بدل من الفتى والتقدير لا تمرر بهم إلا الفتى العلا فالعلا هو الفتى ومع عطف النسق نحو ما قام إلا أخوك وإلا زيد فلو قلت ما قام إلا أخوك وزيد لصح الكلام وقد جمع الشاعر بينهما فقال :
٧٨ ـ ما لك من شيخك إلا عمله |
|
إلا رسيمه وإلا رمله |
وذات توكيد حال من إلا. ثم إن تكرارها لغير التوكيد يكون مع التفريغ ومع غيره وقد أشار إلى الأول بقوله :
وإن تكرّر لا لتوكيد فمع |
|
تفريغ التّأثير بالعامل دع |
فى واحد ممّا بإلّا استثنى |
|
وليس عن نصب سواه مغنى |
قد قدم أن التفريغ هو أن يكون ما قبل إلا طالبا لما بعدها فإذا كررت إلا فى التفريغ فإنه يترك تأثير العامل الذى هو إلا فى واحد من المستثنيين أو المستثنيات ويكون بحسب ما يطلب ما قبل إلا وما عدا الواحد منصوبا ، وفهم من قوله فى واحد أن ترك العمل بإلا ليس مخصوصا بواحد دون واحد بل يجوز إلغاء إلا فى الأول دون الثانى والثالث وفى الثانى دون الأول والثالث وفى الثالث دون الأول والثانى فتقول ما قام إلا زيد إلا عمرا إلا خالدا وما قام إلا زيدا إلا عمرو إلا خالدا وما قام إلا زيدا إلا عمرا إلا خالد. وقوله : (وليس عن نصب سواه مغنى) يعنى أن ما سوى المستثنى الذى تلغى إلا معه ينصب ونصبه بالعامل الذى هو إلا وعلى هذا الوجه حمل المرادى العامل وحمله ابن عقيل على أنه العامل الذى قبل إلا وجعل دع بمعنى اجعل ، وما ذكره المرادى أصوب لثلاثة أوجه : الأول أن فيه التنبيه على أن إلا هى العامل فى المستثنى وهو موافق لتصريح الناظم به فى غير هذا النظم. الثانى أن دع بمعنى
__________________
(٧٨) الرجز بلا نسبة فى أوضح المسالك ٢ / ٢٧٢ ، والدرر ٣ / ١٦٧ ، ورصف المبانى ص ٨٩ ، وشرح الأشمونى ١ / ٢٣٢ ، وشرح التصريح ١ / ٣٥٦ ، وشرح ابن عقيل ص ٣١١ ، والكتاب ٢ / ٣٤١ ، والمقاصد النحوية ٣ / ١١٧ ، وهمع الهوامع ١ / ٢٢٧.
والشاهد فيه قوله : «إلا عمله ، إلا رسيمه وإلا رمله» ، ف «رسيمه» بدل ، و «رمله» معطوف ، و «إلا» المقترنة بكل منهما مؤكدة.