فما فى المثالين مبتدأ بمعنى شىء وأوفى فعل ماض وفاعله ضمير مستتر يعود على ما وخليلينا مفعول بأوفى والهمزة فى أوفى للنقل والتقدير شىء أو فى خليلينا أى صيرهما وافيين ، ثم مثل أفعل بقوله :
وأصدق بهما
فأصدق لفظه لفظ أمر ومعناه الخبر والباء زائدة فى الفاعل والهمزة فى أفعل للصيرورة والتقدير أحسن زيد أى صار حسنا ، ثم قال :
وحذف ما منه تعجّبت استبح |
|
إن كان عند الحذف معناه يضح |
فشمل ما التعجب منه بعد ما أفعل وبعد أفعل فمثال حذفه بعد ما أفعل قول على بن أبى طالب رضى الله تعالى عنه :
١٣٣ ـ جزى الله عنّى والجزاء بفضله |
|
ربيعة خيرا ما أعفّ وأكرما |
أى ما أعفهم وأكرمهم ومثال حذفه بعد أفعل قوله عزوجل : (أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ) [مريم : ٣٨] أى وأبصر بهم وفهم من قوله إن كان عند الحذف معناه يضح أن الحذف لا يجوز إلا إن كان معناه واضحا وحذف مفعول باستبح وهو مصدر مضاف إلى المفعول وما موصولة وصلتها تعجبت ومنه متعلق بتعجبت ومعناه اسم كان ويضح فى موضع خبرها وهو مضارع وضح يضح بمعنى اتضح وعند متعلق بيضح. ثم قال :
وفى كلا الفعلين قدما لزما |
|
منع تصرّف بحكم حتما |
يعنى أن فعلى التعجب وهما ما أفعله وأفعل به غير متصرفين فلا يستعمل منهما مضارع ولا غيره مما يصاغ من الأفعال بل يلزم أفعل لفظ الماضى ويلزم أفعل لفظ الأمر ومنع فاعل بلزم وهو مصدر مضاف إلى المفعول وقدما منصوب على الظرف وفى كلا متعلق بلزم وكذلك قدما. ثم قال :
__________________
(١٣٣) البيت من الطويل ، وهو للإمام على بن أبى طالب فى ديوانه ص ١٧١ ، وتخليص الشواهد ص ٤٩١ ، والدرر ٥ / ٢٤٠ ، وشرح التصريح ٢ / ٨٩ ، والعقد الفريد ٥ / ٢٨٣ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٦٤٩ ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ٣ / ٢٥٩ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٣٦٤ ، وهمع الهوامع ٢ / ٩١.
والشاهد فيه قوله : «ما أعف وأكرما» حيث حذف مفعول فعل التعجب لأنه ضمير يدلّ عليه سياق الكلام ، والتقدير : ما أعفها وأكرمها.