بعضا بحتى اعطف على كلّ ولا |
|
يكون إلّا غاية الّذى تلا |
يعنى أن حتى لا يكون المعطوف بها إلا بعض المعطوف عليه نحو ضربت القوم حتى زيدا لأن زيد بعض القوم ولا يكون إلا غاية له إما فى زيادة نحو مات الناس حتى الأنبياء ، أو فى نقص نحو عليك الناس حتى النساء. وشمل قوله بعضا ما بعضه مصرح به كالمثال المذكور وما بعضيته مؤولة كقوله :
١٤٧ ـ ألقى الصحيفة كى يخفّف رحله |
|
والزاد حتى نعله ألقاها |
تقديره ألقى ما يثقله حتى نعله. وبعضا مفعول مقدم باعطف وبحتى متعلق باعطف وكذلك على كل واسم يكون ضمير مستتر عائد على لفظ بعض ، ويحتمل أن يكون عائدا على المعطوف المفهوم من قوله اعطف. ثم اعلم أن أم على قسمين : متصلة ، ومنقطعة ، وقد أشار إلى الأول فقال : (وأم بها اعطف إثر همز التّسويه) يعنى أنّ أم من حروف العطف ويعطف بها إثر همزة التسوية كقولك سواء على أقمت أم قعدت ومنه قوله تعالى : (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ) [البقرة : ٦] أو إثر همزة يطلب بها ما يطلب بأى نحو أزيد عندك أم عمرو ، والتقدير أيهما عندك ، وهذا معنى قوله : (أو همزة عن لفظ أى مغنيه) وإنما سميت متصلة لأن ما قبلها وما بعدها لا يستغنى بواحد منهما عن الآخر وقد تحذف الهمزة قبلها للعلم بها ، وإلى ذلك أشار بقوله :
وربّما أسقطت الهمزة إن |
|
كان خفا المعنى بحذفها أمن |
فشمل قوله الهمزة التى للتسوية كقراءة ابن محيصن سواء عليهم أنذرتهم بهمزة واحدة والهمزة التى تقدر مع أم بأى كقول الشاعر :
__________________
(١٤٧) البيت من الكامل ، وهو للمتلمس فى ملحق ديوانه ص ٣٢٧ ، وشرح شواهد المغنى ١ / ٣٧٠ ، ولأبى (أو لابن) مروان النحوى فى خزانة الأدب ٣ / ٢١ ، ٢٤ ، والدرر ٤ / ١١٣ ، وشرح التصريح ٢ / ١٤١ ، والكتاب ١ / ٩٧ ، والمقاصد النحوية ٤ / ١٣٤ ، ولمروان بن سعيد فى معجم الأدباء ١٩ / ١٤٦ ، وبلا نسبة فى أسرار العربية ص ٢٦٩ ، وأوضح المسالك ٣ / ٣٦٥ ، والجنى الدانى ص ٥٤٧ ، ٥٥٣ ، وخزانة الأدب ٩ / ٤٧٢ ، والدرر ٦ / ١٤٠ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٤١١ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٦١٤ ، ورصف المبانى ص ١٨٢ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٢٨٩ ، وشرح قطر الندى ص ٣٠٤ ، وشرح المفصل ٨ / ١٩ ، ومغنى اللبيب ١ / ٢٤ ، وهمع الهوامع ٢ / ٢٤ ، ٣٦.
والشاهد فيه قوله : «حتى نعله ألقاها» حيث يجوز فى «حتى» ثلاثة أوجه : الرفع على الابتداء ، و «ألقاها» خبره ، والجر على أن «حتى» حرف جر بمعنى «إلى» والنصب على العطف ب «حتى» ، وردّ الوجه الثالث بأن المعطوف ب «حتى» لا يكون إلا بعضا أو غاية للمعطوف عليه و «النعل» ليس بعض «الزاد» ولا غايته ، وأجيب بأن البيت مؤوّل والتقدير : ألقى ما ينقله حتى نعله ، فبين المعطوف والمعطوف عليه مناسبة.