يعنى أن قولك إياك والشر ونحوه من الضمائر المنصوبة المنفصلة إذا عطف عليه نصب بفعل يجب استتاره نحو إياكما والأسد وإياكم والمخالفة. وفهم منه أن التحذير إذا كان بالضمير لا يكون إلا مخاطبا ولا يكون بضمير الغائب إلا فى الشذوذ على ما سيأتى. وفهم منه أن العامل المقدر يقدر بعد الضمير لما يلزم من تقديره قبله اتصاله به فيلزم تعدى فعل الضمير المتصل إلى ضميره المنفصل وهو ممتنع فى غير باب ظن وأخواتها فإياك والشر ونحوه مفعول بنصب ومحذر فاعل بنصب وبما متعلق بنصب وما موصولة واستتاره مبتدأ ووجب خبره والجملة صلة ما وهى واقعة على الفعل الناصب الواجب الإضمار. ثم اعلم أن إياك وأخواته تستعمل فى التحذير معطوفا عليها كما تقدم ، ودون عطف ، وإلى ذلك أشار بقوله:
(ودون عطف ذا لإيا انسب) الإشارة بذا للنصب بإضمار فعل لا يظهر يعنى أن إياك وأخواتها غير معطوف عليها تنصب بفعل واجب الحذف نحو : إياك من الشر. وذا مفعول بانسب ودون ولإيا متعلقان بانسب. ثم أشار إلى الثانى والثالث بقوله :
(وما* سواه ستر فعله لن يلزما) فشمل قوله وما سواه النوعين أعنى ما ناب عن إيا من الأسماء المضافة لضمير المخاطب والمحذر منه وقوله ستر فعله لن يلزما يعنى أنهما منصوبان بفعل مضمر ويجوز إظهاره فتقول رأسك فيكون منصوبا بفعل محذوف ولك إظهاره فتقول نحّ رأسك ونحوه وتقول فى المحذر منه الأسد ولك إظهار العامل فتقول احذر الأسد وقد استثنى من ذلك نوعين أشار إليهما بقوله : (إلّا مع العطف أو التّكرار) فالعطف نحو رأسك والحائط والتكرار نحو الأسد الأسد وقد مثله بقوله : (كالضيغم الضيغم يا ذا السّارى) والضيغم الأسد والسارى اسم فاعل من سرى إذا مشى ليلا وهو مظنة الخوف من الضيغم وإنما وجب حذف العامل مع إيا لكثرة الاستعمال وأما مع العطف والتكرار فقد جعل كالبدل من اللفظ بالفعل وما مبتدأ وصلته سواه وستر فعله مبتدأ ثان وخبره لن يلزما والجملة خبر الأول وستر بفتح السين مصدر ستر والستر بكسرها هو الشىء الذى يستر به والمراد هنا الأول وقوله إلا إيجاب لنفى لن ومع متعلق بيلزم وذا فى قوله يا ذا السارى منادى والسارى صفته.
ثم قال : (وشذّ إيّاى وإياه أشذّ) قد تقدم أن إياك فى التحذير تكون للمخاطب غالبا وقد شذ ذلك للمتكلم كقول بعضهم إياى وأن يحذف أحدكم الأرنب وأشذّ منه أن يكون للغائب كقول بعضهم : إذا بلغ الرجل الستين فإياه وإيا الشوابّ. ثم قال :