وقوله : وكن مخيرا فى الباقيات. يعنى بالباقيات ما بقى من الأحرف الستة وهى إنّ وأن وكأن ولكن فيجوز أن تلحقها نون الوقاية وأن لا تلحقها وقد جاءت فى القرآن بالوجهين كقوله عزوجل : (إِنَّنِي أَنَا اللهُ ، أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ) [هود : ٥٤] وإنما جاز لحاق نون الوقاية لهذه الأحرف لشبهها بالأفعال وكان لحاقها غالبا فى ليت لقوة شبهها بالفعل لأنها تغير معنى الابتداء وكان عدم لحاقها غالبا مع لعل لأنها بعدت عن شبه الفعل فإنها شبيهة بحرف الجر فى تعلق ما بعدها بما قبلها فى نحو تب لعلك تفلح ومخيرا خبر كن ويجوز كسر يائه وفتحها وهو أظهر وفى الباقيات متعلق به ثم أشار إلى الحرفين الباقيين من الثمانية وهما من وعن بقوله : (واضطرارا خففا منى وعنى) البيت ، يعنى أن الوجه فى من وعن إذا دخلا على ياء المتكلم أن يقال منى وعنى بتشديد النون لأنهما لما لحقتهما نون الوقاية وقبلها نون ساكنة أدغمت فيها وأشار بقوله : واضطرارا خففا منى وعنى إلى آخره إلى قول الشاعر :
١١ ـ أيها السائل عنهم وعنى |
|
لست من قيس ولا قيس منى |
وقد تلحق نون الوقاية بعض الأسماء المبنية على السكون وإلى ذلك أشار بقوله : (وفى لدنى لدنى قل) البيت يعنى أن لحاق نون الوقاية للدن كثير وعدم لحاقها قليل ولذلك قرأ أكثر القراء من لدنى بالتشديد وقرأ نافع وشعبة بالتخفيف وقوله وفى قدنى وقطنى الحذف أيضا قد يفى يعنى أن قد وقط مثل لدن فى أن لحاقها أكثر من عدم لحاقها وذلك مفهوم من قوله يفى وقد وقط اسما فعل بمعنى حسب وقد جمع الراجز بين لحاقها وعدم لحاقها فى قوله :
١٢ ـ قدنى من نصر الخبيبين قدى
__________________
(١١) البيت من المديد ، وهو بلا نسبة فى الأشباه والنظائر ١ / ٩٠ ، وأوضح المسالك ١ / ١١٨ ، وتخليص الشواهد ص ١٠٦ ، والجنى الدانى ص ١٥١ ، وجواهر الأدب ص ١٥٢ ، وخزانة الأدب ٥ / ٣٨٠ ، ٣٨١ ، ورصف المبانى ص ٣٦١ ، والدرر ١ / ٢١٠ ، وشرح الأشمونى ١ / ٥٦ ، وشرح التصريح ١ / ١١٢ ، وشرح ابن عقيل ص ٦٣ ، وشرح المفصل ٣ / ١٢٥ ، والمقاصد النحوية ١ / ٣٥٢ ، وهمع الهوامع ١ / ٦٤.
والشاهد فيه قوله : «عنى» و «منى» حيث حذف النون للضرورة الشعرية والقياس : «عنّى» و «منّى».
(١٢) الرجز لحميد بن مالك الأرقط فى خزانة الأدب ٥ / ٣٨٢ ، ٣٨٣ ، ٣٨٥ ، ٣٨٩ ، ٣٩١ ، ٣٩٢ ، والدرر ١ / ٢٠٧ ، وشرح شواهد المغنى ١ / ٤٨٧ ، ولسان العرب ١ / ٣٤٤ (خبب) ، والمقاصد النحوية ١ / ٣٥٧ ، ولحميد بن ثور فى لسان العرب ٣ / ٤٨٩ (لحد) ، وليس فى ديوانه ، ولأبى بجدلة فى شرح المفصل ٣ / ١٢٤ ، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر ٤ / ٢٤١ ، وأوضح المسالك ١ / ١٢٠ ، وتخليص الشواهد ص ١٠٨ ، والجنى الدانى ص ٢٥٣ ، وخزانة الأدب ٦ / ٢٤٦ ، ٧ / ٤٣١ ، ورصف المبانى ص ٣٦٢ ، وشرح ابن عقيل ص ٦٤ ، والكتاب ٢ / ٣٧١ ، ومغنى اللبيب ١ / ١٧٠ ، ونوادر أبى زيد ص ٢٠٥.
والشاهد فيه قوله «قدنى» و «قدى» حيث أثبت النون فى الأول ، على اللغة المشهورة ، وحذفها فى الثانى ، وهذا قليل.