فرفع ما بعد الأولى ونصب ما بعد الثانية وكلاهما غير مخففة وإنما حملت فى ذلك على ما المصدرية لاشتراكهما فى المعنى وما المصدرية لا عمل لها كقوله عزوجل : (لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ) [الكافرون : ٢] أى لا أعبد عبادتكم وبعضهم مبتدأ أى بعض العرب وأن مفعول بأهمل وحملا مصدر منصوب على الحال من الفاعل المستتر فى أهمل وأختها بدل من ما وحيث متعلق بأهمل. ثم انتقل إلى الناصب الرابع وهو إذن وهى ثلاثة أنواع : واجبة الإعمال وجائزته وواجبة الإهمال ؛ وقد أشار إلى الأول بقوله :
ونصبوا بإذن المستقبلا |
|
إن صدّرت والفعل بعد موصلا |
فذكر لإعمالها ثلاثة شروط : الأول أن يكون المضارع بعدها بمعنى الاستقبال وهو مستفاد من قوله المستقبلا وفهم منه أنه إذا كان حالا ارتفع نحو أن يقول القائل أحبك فتقول له إذن أصدقك. الثانى أن تكون إذن مصدرة أى فى أول الكلام وذلك أن يقول قائل آتيك غدا فتقول له إذن أكرمك وهو مستفاد من قوله إن صدّرت ، وفهم منه أنه إذا لم تكن مصدرة لا تعمل وذلك إذا توسطت بين شيئين كقولك زيد إذن يكرمك. الثالث أن لا يفصل بينها وبين الفاعل فاصل كقولك إذن أكرمك وهو مستفاد من قوله موصلا ، وفهم منه أنه إذا فصل بينهما فاصل لم تعمل نحو إذن أنا أكرمك ثم إن الفصل بينها وبين الفعل بالقسم مغتفر وقد نبه على ذلك بقوله : (أو قبله اليمين) فتقول إذن والله أكرمك لأن القسم لا يعتد به فاصلا لكثرة الفصل به بين الشيئين المتلازمين كالمضاف والمضاف إليه. ثم أشار إلى جواز عمله بقوله :
وانصب وارفعا |
|
إذا إذن من بعد عطف وقعا |
يعنى أن إذن إذا وقع بعد عاطف جاز فى الفعل بعدها النصب والرفع نحو وإذن أكرمك ، وقد قرئ (وَإِذاً لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلَّا قَلِيلاً) [الإسراء : ٧٦] ثم اعلم أنّ أن هى أصل النواصب كما تقدم فلا إشكال فى النصب بها نحو أعجبنى أن تقوم وقد تقترن بغيرها من حرف جر أو حرف عطف وهى فى ذلك على ثلاثة أقسام : وجوب إظهار وجوازه ووجوب إضمار وقد أشار إلى الأول بقوله :
وبين لا ولام جرّ التزم |
|
إظهار أن ناصبة |
يعنى أنّ أن إذا توسطت بين لام الجر وتسمى لام كى لأنها مثل كى فى إفادة التعليل