تنصب المضارع وتخلصه للاستقبال نحو زيد لن يذهب وكى وهى حرف مصدرى نحو جئتك لكى تكرمنى أى لأن تكرمنى وأن وهى أيضا حرف مصدرى وهى أصل النواصب لأنها تعمل ظاهرة ومضمرة وإنما قدم عليها لن وكى وكان حقه أن يقدمها عليهما لأصالتها للتفصيل الذى فيها ولذلك قال : (لا بعد علم) يعنى أن أن الناصبة هى التى تقع بعد غير العلم نحو أعجبنى أن تقوم وأحببت أن تذهب ودخل فى العلم الظن فلذلك استدرك الكلام فيه فقال:
والتى من بعد ظنّ |
|
فانصب بها والرّفع صحّح |
يعنى أن أن إذا وقعت بعد الظن جاز أن تكون ناصبة فتنصب ما بعدها وجاز أن تكون مخففة من الثقيلة فترفع ما بعدها وقد قرئ (وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ) [المائدة : ٧١] بالنصب والرفع أما النصب فعلى أنها ناصبة وأما الرفع فقد نبه عليه بقوله : (واعتقد* تخفيفها من أنّ فهو مطّرد) يعنى أنّ أن الواقعة بعد الظن إذا ارتفع المضارع بعدها مخففة من الثقيلة ولا فى قوله بعد علم عاطفة والمعطوف عليه محذوف والتقدير بأن بعد غير العلم والتى مبتدأ أو منصوب بفعل مضمر يفسره فانصب لها والرفع مفعول بصحح ومن أن متعلق بتخفيف وهو عائد على الرفع ويحتمل أن يكون عائدا على الحكم وهو جواز الرفع والنصب إذ كل واحد منهما أعنى من النصب والرفع مطرد. والحاصل أنّ أن تكون ناصبة وهى التى تقع بعد غير العلم والظن ومخففة من الثقيلة وهى التى تقع بعد العلم وجائزا فيها الأمران وهى التى تقع بعد الظن ، ثم إن الواقعة بعد غير العلم والظن وهى الناصبة قد تهمل وإلى ذلك أشار بقوله :
وبعضهم أهمل أن حملا على |
|
ما أختها حيث استحقّت عملا |
يعنى أن من العرب من يجيز إهمال أن غير المخففة حملا على ما المصدرية فيرتفع الفعل المضارع بعدها كقراءة بعضهم (لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ) [البقرة : ٢٣٣] بالرفع وقول الشاعر :
١٨١ ـ أن تقرآن على أسماء ويحكما |
|
منى السّلام وأن لا تشعرا أحدا |
__________________
(١٨١) البيت من البسيط ، وهو بلا نسبة فى الأشباه والنظائر ١ / ٣٣٣ ، والإنصاف ٢ / ٥٦٣ ، وأوضح المسالك ٤ / ١٥٦ ، والجنى الدانى ص ٢٢٠ ، وجواهر الأدب ص ١٩٢ ، وخزانة الأدب ٨ / ٤٢٠ ، ٤٢١ ، ٤٢٣ ، ٤٢٤ ، والخصائص ١ / ٣٩٠ ، ورصف المبانى ص ١١٣ ، وسر صناعة الإعراب ٢ / ٥٤٩ ، وشرح الأشمونى ٣ / ٥٥٣ ، وشرح التصريح ٢ / ٢٣٢ ، وشرح شواهد المغنى ١ / ١٠٠ ، وشرح المفصل ٧ / ١٥ ، ٨ / ١٤٣ ، ٩ / ١٩ ، ولسان العرب ١٣ / ١٣٣ (أنن) ، ومجالس ثعلب ٢٩٠ ، ومغنى اللبيب ١ / ٣٠ ، والمنصف ١ / ٢٧٨ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٣٨٠.
والشاهد فيه قوله : «أن تقرآن» حيث لم يعمل «أن» تشبيها لها ب «ما» المصدرية.