ولما فرغ من ذكر الجوازم أخذ فى الكلام على أحكام الشرط والجزاء فقال :
فعلين يقتضين شرط قدّما |
|
يتلو الجزاء وجوابا وسما |
يعنى أن كل واحد من أدوات الشرط يقتضى فعلين يسمى الأول شرطا والثانى جزاء وفهم من قوله فعلين أن حق الشرط والجزاء أن يكونا فعلين إلا أن الجزاء قد يكون غير فعل وذلك على خلاف الأصل وسيأتى وفهم أيضا من قوله فعلين يقتضين أى يطلبن أن الجزم فى الفعلين بها وهو المشهور وفهم من قوله قدّما ويتلو الجزاء أن الشرط والجزاء جملتان لأن الفعل يستلزم الفاعل وأن الجزاء لا يكون إلا متأخرا والشرط لا يكون إلا متقدما وإذا ورد نحو أنت ظالم إن فعلت فليس أنت ظالم جوابا مقدما بل الجواب محذوف دل عليه ما تقدم على أداة الشرط وفاعل يقتضين النون وهو عائد على أدوات الشرط وفعلين مفعول بيقتضين وشرط خبر مبتدأ مضمر أى أحدهما أو مبتدأ والخبر محذوف أى منهما شرط ويتلو الجزاء جملة فعلية فى موضع الصفة لشرط والضمير العائد على الموصوف محذوف تقديره يتلوه الجزاء ولا يجوز نصب شرط على البدل من فعلين لأن التابع غير مستوف للمتبوع وإنما يجوز الإتباع فيما كان مستوفيا للمتبوع نحو لقيت من القوم ثلاثة زيدا وعمرا وجعفرا ولقيت الرجلين زيدا وعمرا ، ووسما جملة مستأنفة وجوابا حال من الضمير فى وسما. ثم بين الفعلين اللذين تقتضيهما هذه الأدوات فقال :
وماضيين أو مضارعين |
|
تلفيهما أو متخالفين |
فهذه أربعة أحوال الأول أن يكونا أعنى الشرط والجزاء فعلين ماضيين نحو (وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنا) [الإسراء : ٨] أو مضارعين نحو (وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ) [البقرة : ٢٨٤] أو الأول ماض والثانى مضارع نحو (مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ) [الشورى : ٢٠] أو الأول مضارع والثانى ماض نحو قوله :
١٩٣ ـ من يكدنى بسيّئ كنت منه |
|
كالشّجى بين حلقه والوريد |
__________________
(١٩٣) البيت من الخفيف ، وهو لأبى زبيد الطائى فى ديوانه ص ٥٢ ، وخزانة الأدب ٩ / ٧٦ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٤٢٧ ، وبلا نسبة فى رصف المبانى ص ١٠٥ ، وشرح الأشمونى ٣ / ٥٨٥ ، وشرح ابن عقيل ص ٥٨٥ ، والمقتضب ٢ / ٥٩ ، والمقرب ١ / ٢٧٥ ، ونوادر أبى زيد ص ٦٨.
والشاهد فيه قوله : «من يكدنى ... كنت» حيث جزم ب «من» الشرطية فعلا مضارعا ، وجاء جواب الشرط فعلا ماضيا ، وهذا قليل.