فصل لو
إنما ذكر لو عقب هذا الباب لأنها تكون شرطية كإن ومع كونها حرف امتناع هى أيضا شبيهة بأدوات الشرط فى احتياجها إلى جواب. ولما كانت لو تكون حرف شرط وحرف تمن ومصدرية نبه على مراده فقال : (لو حرف شرط فى مضىّ) يعنى أن لو حرف شرط تدل على تعليق فعل بفعل فيما مضى وتسمى لو هذه امتناعية لأنها تدل فى الغالب على امتناع الشىء لامتناع غيره نحو لو قام زيد لقام عمرو فامتنع قيام عمرو لامتناع قيام زيد والماضى فى هذا الباب على معناه من المضى بخلافه فى باب أدوات الشرط فلذلك تقول لو قام زيد أولا من أمس لأكرمته أمس وقد تدخل على المستقبل معنى وإلى ذلك أشار بقوله : (ويقلّ* إيلاؤها مستقبلا لكن قبل) وكان حقها أن لا يليها المستقبل لكن ورد فوجب قبوله ومن ذلك قوله عزوجل : (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً) [النساء : ٩] وشمل قوله مستقبلا الماضى كالآية الكريمة والمضارع فى اللفظ نحو لو يقم زيد غدا لأكرمته فلو مبتدأ وحرف شرط خبره وفى متعلق بشرط وإيلاؤها فاعل بيقل وهو مصدر مضاف إلى المفعول ومستقبلا مفعول ثان بإيلاؤها. ثم قال : (وهى فى الاختصاص بالفعل كإن) يعنى أنها تختص بالفعل كما تختص به إن وفهم من تشبيهه لها بإن أن الفعل يليها ظاهرا كما يلى إن فتقول لو زيد قام لأكرمته فيكون زيد فاعلا بفعل مضمر يفسره قام كما تقول إن زيد قام فأكرمه ، ومنه قوله : * لو ذات سوار لطمتنى* ثم إن لو تخالف إن فى جواز وقوع أن المفتوحة المشددة بعدها وإلى ذلك أشار بقوله :
(لكنّ لو أنّ بها قد تقترن)
يعنى أن لو تخالف إن فى جواز وقوع أن بعدها كقوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا) [الحجرات : ٥] وهو كثير. واختلف فى موضع أن بعدها فقيل مبتدأ ، وقيل فاعل بفعل محذوف ، وفهم من قوله لكن أنها فى موضع رفع بالابتداء والخبر محذوف لاستدراكه بلكن إذ لو كانت عنده فاعلا بفعل محذوف لم تخرج عن الاختصاص بالفعل فاستدراكه دليل على تخالف ما حكم لها به من الاختصاص بالفعل. ولو اسم لكن وأن مبتدأ وخبره قد تقترن وبها متعلق بتقترن والجملة خبر لكن. ثم قال :
وإن مضارع تلاها صرفا |
|
إلى المضىّ نحو لو يفى كفى |