وكونه مبتدأ وبدون متعلق به وكذلك بعد ونزر خبر المبتدأ وكاد مبتدأ والأمر مبتدأ ثان وخبره عكس والجملة خبر المبتدأ الأول. ثم قال : (وكعسى حرى) يعنى أن حرى مثل عسى فى المعنى الذى هو الرجاء قيل ولم يذكر حرى فى هذا الباب غيره. ثم قال : (ولكن جعلا* خبرها حتما بأن متصلا) يعنى أن حرى وإن كانت بمعنى عسى فهى مخالفة لها فى الاستعمال بلزوم خبرها أن فحرى مبتدأ خبره كعسى وخبرها مرفوع بجعلا ومتصلا مفعول ثان بجعلا وحتما حال من الضمير المستتر فى متصلا أو نعت لمصدر محذوف والتقدير اتصالا حتما أى واجبا. ثم قال رحمهالله تعالى : (وألزموا اخلولق أن مثل حرى) يعنى أن اخلولق لا يستعمل خبرها إلا مقرونا بأن فهى إذا مثل حرى إلا أنه لم ينبه على أنها شبيهة فى المعنى بعسى كما نبه على حرى وقد تقدم أنها من باب عسى فتقول اخلولق زيد أن يفعل ولا يجوز يفعل.
وقوله وألزموا يعنى العرب واخلولق مفعول أول بألزموا وأن مفعول ثان ويجوز العكس ومثل منصوب على الحال من اخلولق. ثم قال : (وبعد أوشك انتفا أن نزرا) يعنى أن خلوّ خبر أوشك من أن قليل فهى فى ذلك كعسى فى الاستعمال لا فى المعنى فإن عسى للرجاء وأوشك للمقاربة كما تقدم ، وانتفا أن مبتدأ خبره نزرا وبعد متعلق بنزرا أو بانتفا. ثم قال : (ومثل كاد فى الأصح كربا) يعنى أن الأكثر فى خبر كرب تجرده من أن وقد يقترن بها قليلا كقوله :
٣٩ ـ وقد كربت أعناقها أن تقطعا
وأشار بقوله فى الأصح إلى مخالفة سيبويه فإنه لم يذكر فيها غير التجرد من أن ، ويقال كرب بفتح الراء وكسرها والأول أفصح ومثل كاد مبتدأ وكرب خبره ويجوز العكس وفى الأصح متعلق بمثل. ثم قال (وترك أن مع ذى الشروع وجبا) يعنى أن الأفعال الدالة على الشروع لا يقترن خبرها بأن لأنها دالة على الحال وأن للاستقبال فتنافيا ، وترك أن مبتدأ وهو مصدر مضاف إلى المفعول ووجب خبره ومع ذى متعلق بترك. ثم مثل بخمسة من أفعال الشروع وجميعها بمعنى واحد فقال :
كأنشأ السّائق يحدو وطفق |
|
كذا جعلت وأخذت وعلق |
__________________
(٣٩) صدره :
سقاها ذوو الأحلام سجلا على الظّما
والبيت من الطويل ، وهو لأبى زيد السلمى فى تخليص الشواهد ص ٣٣٠ ، والدرر ٢ / ١٤٣ ، وشرح التصريح ١ / ٢٠٧ ، وشرح عمدة الحافظ ص ١٨٥ ، والمقاصد النحوية ٢ / ١٩٣ ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ١ / ٣١٦ ، وشرح الأشمونى ١ / ١٢٣ ، وشرح شذور الذهب ص ٣٥٥ ، وشرح ابن عقيل ص ١٩٦ ، والمقرب ١ / ٩٩ وهمع الهوامع ١ / ١٣٠.
والشاهد فيه قوله : «أن تقطعا» حيث جاء خبر «كرب» فعلا مضارعا مقترنا ب «أن» والأكثر عدم الاقتران.