أما عن المسلمين فهم على اختلاف مذاهبهم وفرقهم يعتقدون بظهور الإمام المهدي في آخر الزمان وعلى طبق ما بشّر به النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولايختص هذا الاعتقاد بمذهب دون آخر ، ولا فرقة دون أُخرى. وما أكثر المصرّحين من علماء أهل السنة ابتداءً من القرن الثالث الهجري وإلى اليوم بأنّ فكرة الظهور محلّ اتّفاقهم ، بل ومن عقيدتهم أجمع ، الأكثر من هذا إفتاء الفقهاء منهم : بوجوب قتل من أنكر ظهور المهدي ، وبعضهم قال : بوجوب تأديبه بالضرب الموجع والاِهانة حتى يعود إلى الحقّ والصواب على رغم أنفه ـ على حدّ تعبيرهم ـ كما سنشير إليه في الفتوى الصادرة على طبق معتقد المذاهب الأربعة.
ولهذا قال ابن خلدون معبّراً عن عقيدة المسلمين بظهور المهدي : « اعلم أنّ المشهور بين الكافة من أهل الإسلام على ممرّ الأعصار : أنّه لابدّ في آخر الزمان من ظهور رجل من أهل البيت ، يؤيد الدين ، ويُظهر العدل ، ويتبعه المسلمون ، ويستولي على الممالك الإسلامية ، ويسمى المهدي ». (١)
وقد وافقه على ذلك الاُستاذ أحمد أمين الأزهري المصري ـ على الرغم مما عرف عنهما من تطرّف إزاء هذه العقيدة ـ فقال معبّراً عن رأي أهل السُنّة بها : « فأما أهل السُنّة فقد آمنوا بها أيضاً » (٢) ، ثم ذكر نصّ ما ذكره ابن خلدون (٣).
ثم قال : « وقد أحصى ابن حجر الأحاديث المروية في المهدي فوجدها نحو الخمسين » (٤).
ثم ذكر ما قرأه من كتب أهل السنة حول المهدي فقال : « قرأت رسالة
__________________
(١) تاريخ ابن خلدون ١ : ٥٥٥ / الفصل ٥٢.
(٢) المهدي والمهدوية / أحمد أمين : ٤١.
(٣) المهدي والمهدوية : ١١٠.
(٤) المهدي والمهدوية : ٤٨.