قالوا : لماذا كلّ هذا الحرص على إطالة عمر المهدي عليهالسلام إلى هذا الحدّ ، فتعطّل القوانين لاَجله ، أو نضطر إلى المعجزة ؟! ولماذا لا نقبل الافتراض الآخر الذي يقول : إنَّ قيادة البشرية في اليوم الموعود يمكن أن تترك لشخصٍ آخر يُولد في ذلك الزمان ، ويعيش الظروف الموضوعية ، لينهض بمهمّته التغييرية ؟!
والجواب عنه ـ بعد الإحاطة بالمطالب المذكورة في البحث ـ واضح جداً ، فإنّ الله عزّ وجل قد أبقى أشخاصاً في هذا العالم أو غيره أحياءً أطول بكثير مما انقضى من حياة المهدي عليهالسلام ، وذلك لحِكَمٍ وأسرار لانهتدي إليها ، أو علمنا ببعضها ، وعلى كلِّ حالٍ نؤمن بها إيماناً قطعيّاً ، فليكن الأمر كذلك بالنسبة الى المهدي ؛ لأنا ـ كما أشرنا من قبل ـ بصفتنا مسلمين نؤمن بأنّ الله تعالى لايفعل عبثاً ، وأيضاً : نؤمن بمغيّبات كثيرةٍ عنّا قامت عليها البراهين المتينة من العقل والنقل ، فلا يضرنا اذا لم نعلم بالحكمة في معتَقدٍ من معتقداتنا ، وكذلك الحال في الاحكام الشرعيّة والاعمال العباديّة ، فقد لا نهتدي إلى سرّ حكمٍ من الاحكام وفلسفة قانونٍ من القوانين الالهيّة ، لكن التعبد بالنصر أمر لابد منه خصوص بعد ثبوته بنحو اليقين.
وعليه نقول : إن كانت الأدلّة التي أقمناها في الفصول السابقة على ضرورة الايمان بالمهدي ، مع تلك المواصفات الخاصة ، وأنّه الحجة بن الحسن العسكري ، وأنّه ولد وكان إماماً بعد أبيه ـ وفي الخامسة من عمره الشريف ـ وأنّه حي موجود على طول عمره المبارك .. فإنّ النتيجة الحتميّة هي القول بهذه الغيبة الطويلة ، سواء علمنا ـ مع ذلك ـ بسرٍّ من أسرارها أو لم نعلم .. وإنْ كان بالإمكان أن نتصوّر لها بعض الاسرار بقدر