زهرة (١) ، ومحمد فريد وجدي (٢) ، وآخرين كالجبهان (٣) ، والسائح الليبي الذي قال : « وقد تتبع ابن خلدون هذه الأحاديث بالنقد ، وضعفها حديثاً حديثاً » (٤).
مما لا شكَّ فيه ، أنَّ ابن خلدون نفسه من القائلين بصحة بعض أحاديث المهدي وضعف بعضها الآخر ، وهذا لم يكن اجتهاداً منا في تفسير كلام ابن خلدون بل الرجل صرّح بهذا في تاريخه كما سنوافيك بنقل نص كلامه. ويبدو لنا أن الاُستاذ أحمد أمين لم يرَ تصريح ابن خلدون بصحة بعض الأحاديث ، فأشار إلى تضعيفاته فقط ، ثم نقل هؤلاء عنه ذلك مع صياغة جديدة في التعبير من دون مراجعة تاريخ ابن خلدون !
ثم لو فرضنا أن ابن خلدون لم يصرّح بصحة شيء من أحاديث المهدي ، أفلا يكفي تصريح غيره من علماء الحديث والدراية بصحة أحاديث المهدي وتواترها ؟ مع أن اختصاص ابن خلدون هو التاريخ والاجتماع !! ثم ما هو المقدار الذي ضعّفه ابن خلدون حتى يُضخّم عمله بهذه الصورة ؟
إنه لم يضعّف سوى تسعة عشر حديثاً فقط من مجموع ثلاثة وعشرين حديثاً فقط ، وهو المجموع الكلّي الذي تناوله ابن خلدون بالدراسة والنقد ، لا أكثر ، وهو لم يذكر من الذين أخرجوا أحاديث المهدي غير
__________________
(١) الإمام الصادق : ٢٣٩.
(٢) دائرة معارف القرن العشرين ١٠ : ٤٨١.
(٣) تبديد الظلام للجبهان : ٤٧٩ ـ ٤٨٠.
(٤) تراثنا وموازين النقد / علي حسين السائح الليبي : ١٨٥. مقال منشور في مجلة كلية الدعوة الاسلامية في ليبيا ، عدد / ١٠ لسنة ١٩٩٣ م ـ طبع بيروت.