فعلاً وواقعاً. أي له تحقق ووجود ظاهر ومتعين.
والثاني : مايصطلح عليه بالامكان العلمي ، ويُراد به ما هو غير ممتنعٍ من الناحية العلمية الصِرفة ، أي أنَّ العلم لا يمنع وقوعه وتحققه ووجوده فعلاً.
والثالث : ما يصطلح عليه بالامكان المنطقي ، ويُراد به ما ليس مستحيلاً عقلاً ، أي أنَّ العقل لا يمنع وقوعه وتحققه.
واستناداً الى هذا نعرض المسألة كالآتي مبتدئين بالإمكان المنطقي فنقول :
هل إنَّ امتداد عمر الانسان مئات السنين ممكن منطقياً ، أي ليس مستحيلاً من وجهة نظر عقلية ؟
والجواب : نعم بكل تأكيد ، فقضية امتداد العمر فوق الحدّ الطبيعي أضعافاً مضاعفةً ليست في دائرة المستحيل ، كما هو واضح بأدنى تأمل. نعم هو ليس مألوفاً ومشاهداً ، ولكن هناك حالات ، نقلها أهل التواريخ ، وتناقلتها بعض النشرات العلمية ، تجعل الانسان لا يستغرب ولا ينكر ، على أنَّ الغرابة ترتفع تماماً عندما يقرع سمعَ المسلم صوتُ الوحي ومنطوق القرآن في النبي نوح عليهالسلام : ( وَلَقَدْ أرْسَلْنَا نوُحاً إلى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إلاَّ خَمْسِينَ عَاماً ) (١) ولتقريب مسألة الامكان بهذا المعنى نضربُ مثالاً كالآتي : لو أنَّ أحداً قال لجماعةٍ إني أستطيع أن أعبرَ النهر ماشياً ، أو أجتاز النارَ دون أن أُصابَ بسوء ، فلا بدَّ أن يستغربوا وينكروا ، لكنه لو حقّق ما قاله بالفعل فعبر النهر ماشياً أو اجتاز النار بسلام ؛ فإنَّ انكارهم واستغرابهم سيزول عند ذلك. فلو جاء آخر وقال مثلَ مقالة الأول ، فإنَّ درجة الاستغراب ستقلُّ ، وهكذا لو جاء ثالث ورابع وخامس ، فإنَّ ما وقع
__________________
(١) العنكبوت : ٢٩ / ١٤.