اتخذهم الملايين من أتباعهم أئمة وقادة للمعارضة السلمية للحكم القائم في زمانهم ، مع إرشاد كل إمام أتباعه على من يقوم بأمر الإمامة من بعده ، وعلى هذا جرت سيرتهم ، فكانوا عرضة للمراقبة والسجون والاستشهاد بالسم تارة ، وفي سوح الجهاد تارة أُخرى وعلى أيدي القائمين بالحكم أنفسهم.
ثم لو فرض أنّ أحدهم لم يعيّن لاَتباعه من يقوم بأمر الإمامة من بعده ، مع فرض توقف النص عليه ، فإنّ معنى ذلك بقاء ذلك الإمام خالداً مع القرآن في كل عصر وجيل ؛ لأن دلالة « لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض » على استمرار وجود إمام من العترة في كل عصر كاستمرار وجود القرآن الكريم ظاهرة واضحة ، ولهذا ذهب ابن حجر إلى القول : « وفي أحاديث الحث على التمسك بأهل البيت إشارة إلى عدم انقطاع متأهل منهم للتمسك به إلى يوم القيامة ، كما أنّ الكتاب العزيز كذلك ، ولهذا كانوا أمانا لأهل الأرض ، ويشهد لذلك الخبر : « في كلِّ خَلَفٍ من أُمتي عدول من أهل بيتي » (١).
سُجّل هذا الحديث ـ بألفاظٍ مختلفةٍ وكلّها ترجع إلى معنىً واحدٍ ومقصدٍ فارد ـ : في أُمهات كتب الحديث السنية والشيعية ، ويكفي على ذلك اتفاق البخاري ومسلم ـ من أهل السنة ـ على روايته (٢) ، والكليني ، والصدوق ، ووالده ، والحميري ، والصفار ـ من الشيعة الإمامية ـ على
__________________
(١) الصواعق المحرقة : ١٤٩.
(٢) صحيح البخاري ٥ : ١٣ باب الفتن ، صحيح مسلم ٦ : ٢١ ـ ٢٢ / ١٨٤٩.