فالمهدي قد نطقت به الصحاح والمسانيد والسنن فلا يسعُ مسلماً إنكاره ، لكثرة الطرق ووثاقة الرواة ودلائل التاريخ والمشاهدة الثابتة لشخصه كما حقق في محلّه من هذا البحث.
ومن هنا وجدنا المنكرين ، سواء الذين تأثروا بمناهج الغرب ، ودراسات المستشرقين ، أم ممن نزعه عِرقُ التعصب لما توارثه عن سلفه ، حاولوا جميعهم ـ بعد أنْ أعيتهم الحيلة ، واُسقط ما في أيديهم إزاء الأدلة النقلية المتظافرة ، والبراهين الساطعة ، والاعترافات المتتالية بشخص المهدي الموعود ـ أن يثيروا بعض الشبهات الهزيلة ، والتلبيسات الباطلة لصرف الأمّة المسلمة عن القيام بدورها ، والنهوض بمسؤلياتها في مرحلة الانتظار والترقب ، متبعين في ذلك مغالطات مفضوحة ؛ إذ زعموا أن طول عمر المهدي وما يتصل به يتعارض مع العلم ومنطق العقل والواقع. وسيتضح للقارئ ـ بتسديد الله تعالى وتوفيقه ـ كيف أن منطقهم ساقط بحسب موازين العلم وأُصول المنطق الحق والمنهج السليم.
ولعل أهم الشبهات التي تثار هنا هي مسألة صغر سنّ الإمام ، وطول عمره ، والفائدة من الغيبة بالنسبة له ، ومسألة استفادة الأمّة المسلمة منه وهو مستور غائب.
وسنحاول مناقشة ذلك وفق المنطق العلمي والدليل العقلي.
والجواب : إنَّ الإمام المهدي عليهالسلام خَلَفَ أباه في إمامة المسلمين ، وهذا يعني أنّه كان إماماً بكلّ ما في الإمامة من محتوىً فكري وروحي في وقتٍ مبكر جداً من حياته الشريفة.
والإمامة المبكرة ظاهرة سَبَقَهُ إليها عدد من آبائه عليهمالسلام ، فالإمام الجواد محمد بن علي عليهالسلام تولّى الإمامة وهو في الثامنة من عمره ، والإمام علي