إذا كانت هناك ثمة أُمور لم تعالج في فصول البحث المتقدمة ولها اتصال مباشر بمسألة الاعتقاد بالامام المهدي عليهالسلام ، فانها لاتعدو محاولات التشكيك التي لا زالت تتردد على لسان بعض المتطفلين على تراث الإسلام الخالد ، وقد تعجب لو قلت لك : انهم لا يعرفون من علوم الحديث الشريف ومصطلحه شيئاً ؛ ولهذا وقعوا في حبالة الشبهات وتذرعوا بحجج واهية هي أوهى من بيت العنكبوت ، كما سيتضح ذلك من دراستها ومناقشتها في هذا الفصل وعلى النحو الآتي :
التذرع بخلو الصحيحين من أحاديث المهدي
ومن الذرائع الواهية التي تمسكوا بها في هذا المقام هو ان البخاري ومسلماً لم يرويا حديثاً في الإمام المهدي عليهالسلام (١).
وقبل مناقشة حجتهم تلك نود التأكيد على أُمور.
الأول : في الصحيح المنقول عن البخاري انه قال عن كتابه الصحيح : أخرجت هذا الكتاب عن مائة الف حديث صحيح ـ وفي لفظ آخر : عن مائتي ألف حديث صحيح ـ وما تركته من الصحيح أكثر ، فالبخاري اذن لم يحكم بضعف كل حديث لم يروه ، بل ما حكم عليه بالصحة يزيد على مجموع ما أخرجه عشرات المرات.
__________________
(١) انظر : الإمام الصادق / أبو زهرة : ٢٣٨ ـ ٢٣٩ ، المهدي والمهدوية / أحمد أمين : ٤١.