الثوابت الدينية ، والتشكيك بقسم منها كقضية ظهور الإمام المهدي عليهالسلام في آخر الزمان ، وربما قد تسمع الترديد المملّ لأقوال المستشرقين إزاء مسألة الظهور ، وما كان هذا ليتم لولا التفاعل اللامدروس مع تلك الثقافات المحمومة ، والتأثّر بها لدرجة الاعتقاد بأنّها حقائق مسلّمة على الرغم مما فيها من خبث ودهاء وتطرّف في التحليل والاستنتاج ، وكيد بالإسلام والمسلمين ، وكيف لا ، وهذا جولدزيهر ، ودي بوير ، ومكدونالد ، وبندلي جوزي يصرّحون بتناقض القرآن الكريم (١) ؟! فلا غرابة أن نجد ـ في حركات التبشير الصليبي ـ من يطعن بعقيدة المسلمين بظهور المهدي (٢) ، هذا مع أنّ فكرة الظهور لم تكن حكراً على المسلمين وحدهم كما سيتبين من دراستها في هذه المقدمة :
إنّ فكرة ظهور المنقذ العظيم الذي سينشر العدل والرخاء بظهوره في آخر الزمان ، ويقضي على الظلم والاضطهاد في أرجاء العالم ، ويحقق العدل والمساواة في دولته الكريمة ، فكرة آمن بها أهل الأديان الثلاثة ، واعتنقتها معظم الشعوب.
فقد آمن اليهود بها ، كما آمن النصارى بعودة عيسى عليهالسلام ، وصدّق بها الزرادشتيون بانتظارهم عودة بهرام شاه ، واعتنقها مسيحيو الأحباش بترقّبهم عودة ملكهم تيودور كمهديٍّ في آخر الزمان ، وكذلك الهنود
__________________
(١) المستشرقون والأسلام / الدكتور عرفان عبد الحميد : ١٧ ، ودراسات في الفكر الفلسفي الاسلامي / الدكتور حسام الدين الآلوسي : ٦٨ ، و بحوث في القرآن الكريم ، للدكتور عبدالجبار شرارة : ٥٢ ـ ٥٤ ، فقد بيّن مزاعم المستشرقين وأقوالهم بتناقض القرآن الكريم ، وفنّد جميع مفترياتهم.
(٢) عقيدة الشيعة / دونالدسن : ٢٣١ ، والسيادة العربية / فان فلوتن : ١٠٧ و ١٣٢.