بن محمد الهادي عليهالسلام تولّى الإمامة وهو في التاسعة من عمره ، والإمام أبو محمد العسكري وهو والد الإمام المهدي المنتظر تولّى الإمامة وهو في الثانية والعشرين من عمره ، ويلاحظ أن ظاهرة الإمامة المبكرة بلغت ذروتها في الإمام المهدي والإمام الجواد ، ونحن نسمّيها ظاهرة لأنّها كانت بالنسبة إلى عدد من آباء المهدي عليهمالسلام تشكل مدلولاً حسيّاً عملياً عاشه المسلمون ، ووعوه في تجربتهم مع الإمام بشكل وآخر ، ولا يمكن أن يُطالب بإثبات ظاهرة من الظواهر هي أوضح وأقوى من تجربة أُمّة ، ونوضح ذلك ضمن النقاط الآتية :
١ ـ لم تكن إمامة الإمام من أهل البيت عليهمالسلام مركزاً من مراكز السّلطان والنفوذ التي تنتقل بالوراثة من الأب إلى الابن ، ويدعمها النظام الحاكم كما كان الحال في الامويين والفاطميين والعباسيّين ، وإنّما كانت تكتسب ولاءَ قواعدها الشعبية الواسعة عن طريق التغلغل الروحي والإقناع الفكري لتلك القواعد بجدارة هذه الإمامة لزعامة الإسلام وقيادته على أُسس فكرية وروحية.
٢ ـ إنَّ هذه القواعد الشعبية بُنيت منذُ صدر الاسلام ، وازدهرت واتّسعت على عهد الإمامين الباقر والصادق عليهماالسلام وأصبحت المدرسة التي رعاها هذان الإمامان ، في داخل هذه القواعد ، تشكل تياراً فكرياً واسعاً ، في العالم الاسلامي يضمُّ المئات من الفقهاء والمتكلمين والمفسرين والعلماء في مختلف ضروب المعرفة الاسلامية والبشرية المعروفة وقتئذٍ ، حتى قال الحسن بن علي الوشاء : « فإنّي أدركت في هذا المسجد ـ يعني مسجدَ الكوفة ـ تسعمائة شيخٍ كلٌّ يقول حدثني جعفر بن محمد » (١).
__________________
(١) رجال النجاشي : ٤٠ / ٨٠ في ترجمة الحسن بن علي بن زياد الوشاء.