لا يمكن أبداً أن يكون بلا مستند لاستحالة تحقّق مثل هذا الاتّفاق جزافاً. فإذا أضفنا إلى ذلك اتّفاق المذاهب الإسلامية جميعاً على صحة الاعتقاد بظهور الإمام المهدي في آخر الزمان وأنّه من أهل البيت عليهمالسلام ـ كما سيأتي مفصلاً ـ علم أنّ اتّفاقهم هذا لابد وأن يكون معبّراً عن إجماع هذه الاُمة التي لا تجتمع على ضلالة على ما هو مقرر في محلّه ، وحينئذٍ فلا يضرّ اعتقادهم بظهور مهدي أهل البيت عليهمالسلام اختلاف تشخيصه عند من سبقهم من أهل الأديان والشعوب ، إذ بالإمكان معرفته حق معرفته من خلال مصادر المسلمين المعتمدة لما عُرِف عنهم من اتّباع منهج النقل عن طريق السماع والتحديث شفةً عن شفة وصولاً إلى مصدر التشريع ، وبما لانظير له في حضارات العالم أجمع.
ومع هذا نقول :
إنّ اعتقاد أهل الكتاب بظهور المنقذ في آخر الزمان لا يبعد أن يكون من تبشير أديانهم بمهدي أهل البيت عليهمالسلام كتبشيرها بنبوّة نبينا صلىاللهعليهوآلهوسلم إلاّ أنّهم أخفوا ذلك عناداً وتكبّراً إلاّ من آمن منهم بالله واتّقى.
ويدلّ على ذلك وجود مايشير في أسفار التوراة إلى ظهور المهدي في آخر الزمان ، كما في النصّ الذي نقله الكاتب أبو محمد الاُردني من ( سفر أرميا ) وإليك نصه : « اصعدي أيّتها الخيل وهيّجي المركبات ، ولتخرج الأبطال : كوش وقوط القابضان المجنّ ، واللوديُّون القابضون القوس ، فهذا اليوم للسيد ربِّ الجنود ، يوم نقمة للانتقام من مبغضيه ، فيأكل السيف ويشبع ... لأن للسيد ربِّ الجنود ذبيحة في أرض الشمال عند نهر الفرات » (١).
__________________
(١) الكتاب المقدس تحت المجهر / عودة مهاوش أبو محمد الاردني : ١٥٥ ، والنص نقله من سفر إرميا : ٤٦ / ٢ ـ ١١.