مبادئ هذا العلم الشريف ، وفراغ جرابه من أحاديث المهدي الغنية ـ بتواترها ـ عن البيان لحالها والتعريف ، وإنما استناده في إنكاره مجرد ما ذكره ابن خلدون في بعض أحاديثه من العلل المزوّرة المكذوبة ، ولَمَزَ به ثقات رواتها من التجريحات الملفقة المقلوبة ، مع أنّ ابن خلدون ليس له في هذه الرحاب الواسعة مكان ، ولا ضرب له بنصيب ولا سهم في هذا الشأن ، ولا استوفى منه بمكيال ولا ميزان. فكيف يعتمد فيه عليه ، ويرجع في تحقيق مسائله اليه ؟! فالواجب : دخول البيت من بابه ، والحق : الرجوع في كل فن إلى أربابه ، فلا يقبل تصحيح أو تضعيف إلاّ من حفّاظ الحديث ونقّاده » (١).
ثم نقل بعد ذلك عن جملة من حفّاظ الحديث ونقّاده قولهم بصحة أحاديث المهدي وتواترها.
وقال الشيخ أحمد شاكر : « ابن خلدون قد قفا ما ليس له به علم ، واقتحم قحماً لم يكن من رجالها ، انه تهافت في الفصل الذي عقده في مقدمته تهافتاً عجيباً ، وغلط أغلاطاً واضحة. إنّ ابن خلدون لم يحسن فهم قول المحدّثين ، ولو اطّلع على أقوالهم وفقهها ما قال شيئاً مما قال » (٢).
وقال الشيخ العباد : « ابن خلدون مؤرخ وليس من رجال الحديث فلا يعتد به في التصحيح والتضعيف ، وإنما الاعتماد بذلك بمثل البيهقي ، والعقيلي ، والخطابي ، والذهبي ، وابن تيمية ، وابن القيّم ، وغيرهم من
__________________
(١) إبراز الوهم المكنون : ٤٤٣.
(٢) الرد على من كذب بالاحاديث الصحيحة الواردة في المهدي : مقال للشيخ عبد المحسن بن حمد العباد ، منشور في مجلة الجامعة الاسلامية في المدينة المنورة العدد / ١ السنة / ١٢ برقم (٤٦) سنة ١٤٠٠ ه.