رصاص ، ولم يبق منها إلا ميزابان أحدهما في موضع الجنائز ، والآخر على الباب الذي يدخل منه أهل السوق ، يقال له : باب عاتكة ، وعمل المقصورة من ساج.
وهدم بيت فاطمة بنت رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأدخله في المسجد ، وكان ذلك في سنة إحدى وتسعين ، ومكث في بنيانه ثلاث سنين.
وكتب عمر في القبلة في صحن المسجد في الفسيفساء ما نسخته : «بسم الله الرحمن الرحيم : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، محمد عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ، أمر عبد الله أمير المؤمنين الوليد بتقوى الله وطاعته ، والعمل بكتاب الله عزوجل وسنة نبيه محمد صلىاللهعليهوسلم ، وبصلة الرحم ، وتعظيم ما صغّر الجبابرة من حق الله سبحانه ، وتصغير ما عظموا من الباطل ، وإحياء ما أماتوا من الحقوق ، وإماتة ما أحيوا من العدوان والجور ، وأن يطاع الله سبحانه ويعصى العباد في طاعة الله ، فالطاعة لله سبحانه ولأهل طاعته ، لا طاعة لأحد في معصية الله ، يدعو إلى كتاب الله سبحانه وسنة نبيه صلىاللهعليهوسلم ، وإلى العدل في أحكام المسلمين والقسم بالسوية في فيئهم ، ووضع الأخماس في مواضعها التي أمر الله سبحانه بها لذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل».
قالوا : ولما قدم الوليد بن عبد الملك حاجا بعد فراغ عمر بن عبد العزيز من المسجد ، جعل يطوف فيه وينظر إلى بنائه.
فقال لعمر حين رأى سقف المقصورة : ألا عملت السقف كله مثل هذا ، فقال : يا أمير المؤمنين إذا تعظم النفقة جدا ، أتدري كم أنفقت على عمل جدار القبلة وما بين السقفين؟ قال : وكم؟ قال : خمسة وأربعين ألف دينار ، وقال بعضهم : أربعين ألف دينار ، وقال : والله لكأنك أنفقتها من مالك ، وقيل : كانت النفقة أربعين ألف مثقال.
قالوا : وكان معه أبان بن عثمان بن عفان ، فلما استنفد الوليد النظر إلى المسجد التفت إلى أبان ، فقال : أين بنياننا من بنيانكم؟ فقال أبان : إنا بنيناه بناء المسجد وبنيتموه بناء الكنائس!
قالوا : وبينا أولئك القوم يعملون في المسجد ، إذ خلا لهم ، فقال