منه. ومعنى ذلك أن الذي يخرج عن المدينة راغبا عنها زاهدا فيها ، إنما هو جاهل بفضلها ، وفضل القيام بها ، أو كافر بذلك ، وكل واحد من هذين إذا خرج منها فمن بقي من المسلمين خير منه وأفضل على كل حال. وقد قضى الله تعالى بأن مكة والمدينة لا تخلوان من أهل العلم والفضل والدين ، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
وفي المدينة المنورة المسجد الذي أسس على التقوى «مسجد قباء» الذي جاءت الإشارة في قوله تعالى. (لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ) [التوبة : ١٠٨].
وقد سأل أبو سعيد رضياللهعنه رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن المسجد الذي أسس على التقوى؟ فقال : «هو مسجدكم هذا».
وجاء في رواية أخرى : أنه المسجد النبوي. والحق أن كلا منهما أسس على التقوى ، وقد أخرج الترمذي أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «الصلاة في مسجد قباء كعمرة». وأخرج ابن ماجه بسند جيد عن سهل قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من تطهر في بيته ثم أتى مسجد قباء فصلى فيه صلاة كان له كأجر عمرة». ورواه أحمد والحاكم وقال : صحيح الإسناد.
وقد كان صلىاللهعليهوسلم يأتي مسجد قباء راكبا وماشيا كل سبت ، وتارة يوم الإثنين ، وصبيحة اليوم السابع عشر من رمضان فيصلي فيه. وقد حث صلىاللهعليهوسلم على الإقامة بها ، ووعد من صبر على لأوائها وشدتها أن يكون له شهيدا أو شفيعا يوم القيامة.
ودعا على من أحدث بها وأساء وأتى إثما وأعان على ذلك ، فقال : «من أحدث فيها أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا». أي لا يقبل منه فرضا ولا نفلا.
ودعا على من آذى أهلها أو أرادهم بسوء بأن الله يذيبه في النار ذوب الرصاص ، أو ذوب الملح في الماء ، وقال : «اللهم أكفهم من دهمهم ببأس» رواه البزار بإسناد حسن.
هذا وقد وفق الله ابننا الفاضل الباحث المجتهد الأديب الأريب الأستاذ حسين محمد علي شكري المدني الذي امتلأ قلبه بحب دينه ونبيه