وقاتل حتى قتل ، ولما وجدوه في القتلى ما عرفوه حتى عرفته أخته بشامة أو ببنانة ، وفيه بضع وثمانون طعنة وضربة ورمية بسهم.
وأما سعد بن الربيع رضياللهعنه ، فإن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «هل من رجل ينظر إلى ما فعل سعد بن الربيع ، أفي الأحياء هو أم الأموات؟».
فقال رجل من الأنصار : أنا أنظر لك يا رسول الله ما فعل ، فنظر فوجده جريحا في القتلى وبه رمق.
قال : فقلت له : إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أمرني أن أنظر في الأحياء أنت أم الأموات.
قال : أنا في الأموات ، فبلّغ رسول الله صلىاللهعليهوسلم عني السلام وقل : إن سعد ابن الربيع يقول لك : جزاك الله عنا خير ما جزى نبيا عن أمته ، وأبلغ قومك عني السلام وقل لهم : إن سعد بن الربيع يقول لكم : لا عذر لكم عند الله أن يخلص إلى نبيكم وفيكم عين تطرف.
قال : ثم لم أبرح حتى مات ، فجئت رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأخبرته (١).
وأما عبد الله بن عمرو بن حرام رضياللهعنه ، فإنه روى البخاري في «الصحيح» أن ابنه جابرا قال : لما قتل أبي ، جعلت أبكي وأكشف الثوب عن وجهه ، فجعل أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم ينهوني ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «لا تبكه ، ما زالت الملائكة تظلّله بأجنحتها حتى رفعتموه» (٢).
وأما عمرو بن الجموح ، فإنه كان أعرج شديد العرج ، وكان له بنون أربعة مثل الأسد يشهدون مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم المشاهد ، فلما كان يوم أحد ، أرادوا حبسه وقالوا : إن الله قد عذرك ، فأتى النبيّ صلىاللهعليهوسلم فقال : إن بنيّ يريدون أن يحبسوني عن هذا الوجه والخروج معك فيه ، فو الله إني لأرجو أن أطأ بعرجتي هذه في الجنة!
فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أما أنت فقد عذرك الله ، فلا جهاد عليك ، وقال لبنيه : ما عليكم ألا تمنعوه لعل الله يرزقه الشهادة» (٣). فخرج معه فقتل بأحد.
__________________
(١) «أسد الغابة» ٢ / ٣٤٨ (١٩٩٣).
(٢) أخرجه البخاري في المغازي ، باب من قتل من المسلمين يوم أحد (٤٠٨٠).
(٣) «أسد الغابة» ٤ / ٢٠٨.