فقال الله تبارك وتعالى : فأنا أبلغهم ، فأنزل الله على رسوله (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً ...) [آل عمران : ١٦٩] الآيات (١).
وروى البخاري في «الصحيح» عن عقبة بن عامر رضياللهعنه : قام رسول الله صلىاللهعليهوسلم على قتلى أحد بعد ثمان سنين كالمودع للأحياء والأموات ، ثم طلع المنبر فقال : «إني بين أيديكم فرط ، وأنا عليكم شهيد ، وإن موعدكم الحوض ، وإني لأنظر إليه من مقامي هذا ، وإني لست أخشى عليكم أن تشركوا ، ولكن أخشى عليكم الدنيا أن تنافسوها» (٢).
قال : فكانت آخر نظرة نظرتها إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
وروى أبو داود في «سننه» من حديث طلحة بن عبيد الله رضي الله تعالى عنه قال : خرجنا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم نريد قبور الشهداء ، حتى إذا أشرفنا على حرة واقم ، فلما تدلينا منها فإذا قبور بمنحيّة ، قال : فقلنا : يا رسول الله ، أقبور إخواننا هذه؟ قال : «قبور أصحابنا» ، فلما جئنا قبور الشهداء قال صلىاللهعليهوسلم : «هذه قبور إخواننا» (٣).
وروي عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال في قتلى أحد : «هؤلاء شهداء فأتوهم وسلموا عليهم ، ولن يسلم عليهم أحد ما قامت السموات والأرض إلا ردوا عليه» (٤).
وروى جعفر بن محمد الصادق ، عن أبيه ، عن جده رضياللهعنهم : أن فاطمة بنت رسول الله صلىاللهعليهوسلم كانت تختلف بين اليومين والثلاثة إلى قبور الشهداء بأحد ، فتصلي هناك ، وتدعو وتبكي حتى ماتت رضياللهعنها (٥).
وروى العطاف بن خالد قال : حدثتني خالة لي وكانت من العوابد ، قالت : ركبت يوما حتى جئت قبر حمزة بن عبد المطلب رضياللهعنه فصليت ما شاء الله ، والله ما في الوادي داع ولا مجيب وغلامي آخذ برأس دابتي ، فلما فرغت من صلاتي ، قمت فقلت : السلام عليكم ، وأشرت
__________________
(١) «سنن» أبي داود ٣ / ٣٢ (٢٥٢٠) ، «مسند» أحمد ١ / ٣٤٨ (٢٣٨٤).
(٢) أخرجه البخاري في المغازي ، باب غزوة أحد (٤٠٤٢) ، ومسلم في الفضائل ، باب إثبات حوض نبينا صلىاللهعليهوسلم وصفاته (٢٢٩٦).
(٣) باب «زيارة القبور» ٢ / ٥٣٥ (٢٠٤٣).
(٤) «دلائل النبوة» للبيهقي ٣ / ٣٠٧ ، «تاريخ المدينة» لابن شبة ١ / ١٣٢.
(٥) «دلائل النبوة» للبيهقي ٣ / ٣٠٩ ، ابن شبة ١ / ١٣٢.