ويرفع بها صوته : أبينا أبينا (١).
قال ابن إسحاق : وحكت ابنة بشير بن سعد قالت : دعتني أمي فأعطتني حفنة من تمر في ثوبي ، ثم قالت : اذهبي إلى أبيك وخالك بغدائهما.
قالت : فأخذتها ، فانطلقت بها ، فمررت برسول الله صلىاللهعليهوسلم وأنا ألتمس أبي وخالي.
فقال : تعالي يا بنيّة ، ما هذا معك؟
قالت : قلت : يا رسول الله هذا تمر ، بعثتني به أمي إلى أبي بشير بن سعد ، وخالي عبد الله بن رواحة ، يتغديانه.
قال : هاتيه ؛ قالت : فصببته في كفي رسول الله صلىاللهعليهوسلم فما ملأتهما ، ثم أمر بثوب فبسط له ، ثم دحا بالتمر عليه ، فتبدد فوق الثوب ، ثم قال لإنسان عنده : اصرخ في أهل الخندق أن هلمّ إلى الغداء!
فاجتمع أهل الخندق عليه ، فجعلوا يأكلون منه ، وجعل يزيد حتى صدر أهل الخندق ، وإنه ليسقط من أطراف الثوب (٢).
وروى جابر بن عبد الله رضياللهعنه أن صخرة اشتدت عليهم فشكوها إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فدعا بإناء من ماء فتفل فيه ، ثم دعا بما شاء الله أن يدعو به ، ثم نضح ذلك على تلك الصخرة فانهالت حتى عادت كالكثيب ما ترد فأسا ولا مسحاة.
ولم يزل المسلمون يعملون فيه وينقلون التراب على أكتافهم ، حتى فرغوا منه وأحكموه ، وأقبلت قريش ومن تبعها في عشرة آلاف حتى نزلت بمجتمع السيول من رومة ، وأقبلت غطفان ومن تبعها من أهل نجد حتى نزلوا بذنب نقمى إلى جانب أحد.
وخرج رسول الله في ثلاثة آلاف حتى جعلوا ظهورهم إلى سلع ، وضرب عسكره والخندق بينه وبين القوم ، وأمر بالذراري والنساء فجعلوا
__________________
(١) أخرجه البخاري في «المغازي» ، باب «غزوة الخندق» (٤١٠٤).
(٢) «سيرة» ابن هشام ٢ / ٢١٨. وانظر ما رواه البخاري في «صحيحه» من معجزاته صلىاللهعليهوسلم في تكثير الطعام في غزوة الخندق.