صفوة القول إن كل الأحداث التى مرت بها المغرب ج علت الخلافة العباسية تفكر فى إسناد هذه الولاية لرجل يتميز بصفات القدرة على الحكم والولاء للدولة والإخلاص للبيت العباسى ، والذى شجع العباسيين على إسناد هذه الولاية لإبراهيم بن الأغلب تلك التجربة السابقة مع المهالبة ، وهم بيت من الحكام طالت ولايتهم واحدا بعد واحد على إفريقية فى طاعة الدولة العباسية ، لأن بنى العباس كانوا يرون إفريقية عبئا كبيرا عليهم ، ويريدون أن يطمئن بالهم عن ناحيتها خاصة أنها كانت تكلفهم الكثير من المال ، فإذا عرض عليهم أحد رجالهم القادرين أن يحمل عنهم عبء إفريقية مع بقائه على طاعتهم وحفظ الأمن فى الولاية دون أن يكلفهم مالا. فكان من الطبيعى أن يرحبوا بمثل هذا العرض فما بالنا بإبراهيم بن الأغلب الذى عرض فى هذه الصفقة أن يتنازل عن مبلغ مائة ألف دينار كانت مصر ترسلها معونة لوالى إفريقية ، وهذا المبلغ سيئول إلى خزانة الدولة العباسية فى هذه الحال ، لكل هذا وافقت الدولة العباسية على جعل ولاية إفريقية فى بيت إبراهيم بن الأغلب مع البقاء على الطاعة والولاء.
واستطاع إبراهيم بن الأغلب أن يحقق التزاماته نحو الخلافة فكوّن قوة عسكرية كبيرة من البربر المستعربة الذين عملوا كجند فى الجيش الأغلبى كما استكثر إبراهيم بن الأغلب من الصقالبة و «هم جند من أصل أوربى كانوا يشترون صغارا من تجار الرقيق الذين يجلبونهم من أوربا ، وكانوا يربّون تربية عربية إسلامية ليكونوا بعد ذلك جندا وخدما للدولة فى القصور والوظائف» ، وكما أضاف إليهم بعد ذلك قوة من السود (١)
كذلك كوّن إبراهيم بن الأغلب قوة بحرية هائلة مكنت الأغالبة بعد ذلك من غزو صقلية ومالطة والسواحل الإيطالية ، ولم يطمئن على حكمه إلا بعد أن تم له إنشاء كل هذه القوات خلال السنوات الأولى من حكمه لإفريقية ، كما أقام إبراهيم الخطبة لبنى العباس على المنابر ، ورفع شعار بنى العباس ، ودفع الخراج المقرر عليه وهو أربعون ألف دينار ،
__________________
(١) د / السيد عبد العزيز تاريخ المغرب فى العصر الإسلامى ٣٣٤ ، والنويرى المصدر السابق ج ٢٤ ص ١٠٢.