حتى لم يبق من أصحابه رجل واحد ، وقتل فيها جماعة العرب وفرسانهم ، فسميت تلك الوقعة «غزوة الأشراف» وانتقضت البلاد و... الناس ، وبلغ أهل الأندلس ثورة البربر ، فوثبوا على أميرهم عقبة بن الحجاج الساولى ، فقتلوه وولّوا عبد الملك بن قطنّ الفهرى ، واختلفت الأمور على عبيد الله بن الحبحاب ، واجتمع الناس وعزلوه عن أنفسهم ، وبلغ ذلك هشام بن عبد الملك ، وقال : اقتل أولئك الرجال الذين كانوا يفدون علينا من المغرب أصحاب الغنائم؟ قيل : «نعم يا أمير المؤمنين» قال : «والله لا غضبنّ لهم غضبة عربية ، ولأبعثنّ إليهم جيشا أوله عندهم وآخره عندى : ثم لا تركت حصن بربرى إلّا جعلت إلى جانبه خيمة قيسى أو تميمى.» ثم كتب إلى ابن الحبحاب بقدومه عليه ، فخرج فى جمادى الأولى سنة ثلاث وعشرين ومائة.
وكان صفريا يعبد الله ، وهو الذى قدم على طليعة أهل الشام مع عبيد الله بن الحبحاب ، فتلقى مسلمة عكاشة بقابس فاقتتلا قتالا شديدا ، وقتل فيما بينهما عدد كثير وانهزم مسلمة ، ورحل عكاشة حتى وصل إلى المكنسة ، وهى من حدود تهودة مما يلى سبيبة. فسار إليه عبد الرحمن بن عقبة فى جيش عظيم. فانهزم عكاشة وقتل كثير من أصحابه ، وتفرق كثير منهم ، وهرب عكاشة وانصرف عبد الرحمن بن عقبة إلى القيروان. ولما بلغ هشام بن عبد الملك قتل كلثوم بن عياض وأصحابه ؛ وبعث إلى أفريقية حنظلة بن صفوان.
إمرة حنظلة بن صفوان الكلبى (١)
وكان عامله على مصر ، وولّاه عليه سنة تسع عشرة ومائة ، فأقام عليها حتى وجهه إلى
__________________
(١) كان واليا على مصر عندما كانت الجيوش الأموية تتلقى الهزائم المتتالية أمام البربر أيام عبيد الله بن الحبحاب وكلثوم بن عياض ، فأمر الخليفة هشام عامله على مصر حنظلة بن صفوان بالإسراع إلى المغرب لإنقاذ الموقف ، فوصل حنظلة إلى القيروان سنة ١٢٤ ه / ٧٤١ م ، واستطاع أن يحرز نصرا على جيوش البربر فى موقعتى «القرن والأصنام» سنة ١٢٥ ه / ٧٤٣ م ، واستمر حنظلة فى ولاية إفريقية مدة سنتين استتب فيهما السلام والهدوء إلى أن أخرجه منهما زعيم اليمنية عبد الرحمن بن حبيب ابن أبى عبيدة بن عقبة بن نافع الفهرى سنة ١٢٧ ه / ٧٤٥ م.