منهما على ستة آلاف فارس ، وأخرجهم مع العرب يجولون فى إفريقية يقاتلون الروم ومن كفر من البربر ، وحسن إسلام البربر وطاعتهم ، وانصرف حسان إلى مدينة القيروان ، وذلك فى رمضان سنة أربع وسبعين ، ودانت له إفريقية ، فدوّن الدواوين وصالح من ألقى بيده على الخراج ، وكتب الخراج على عجم إفريقية ، وعلى من أقام معهم على النصرانية من البربر والروم ، وأقام حسان بعد قتل الكاهنة ، وقد استقامت له إفريقية فلا يغزوا أحدا ولا ينازعه أحد.
موت عبد الملك بن مروان (١)
ومات عبد الملك بن مروان سنة ست وثمانين ، وولى بعده ابنه الوليد بن عبد الملك ، [وكان الروم] أغاروا على مرسى رادس ، فقتلوا من بها وسبوا وغنيموا ، .. الوليد بن عبد الملك يعرفّه بذلك ، وبعث إليه منها أربعين رجلا من أشراف العرب ، وأقام حسان بن نعمان فى رادس مرابطا حتى يأتيه أمر الوليد ، وكتب علماء المشرق إلى أهل إفريقية : «من رابط عنا يوما برادس حججنا عنه حجة ، وعظم قدر رادس عند العلماء وفضلها». فلما ورد الخبر إلى الوليد بن عبد الملك بعث إلى عمه عبد العزيز بن مروان وهو على مصر وإفريقية ، وأمره أن يتوجه ألف قبطىّ ، وألف قبطية ، ويحملهم إلى إفريقية ، وأمره أن يخرق البحر إلى تونس ، وأن يجعل بها دار صناعة ، وأن يعمل المركب ويستكثر منها ، ويجاهد الروم فى البر والبحر ، وأن يغير على سواحل الروم ويشغلهم عن بلاد الإسلام ، ثم عزل عبد العزيز بن مروان حسان بن النعمان ، وأمره بالقدوم عليه وبعث إليه أربعين رجلا من أشراف أصحابه ، وأمرهم أن يحفظوا جميع ما معه. فعلم حسان ما يراد به فعمد إلى الجوهر والذهب والفضة فجعله فى قرب الماء ، وطرحه فى العسكر وأظهر ما وراء ذلك ، فلما قدم حسان بن النعمان على عبد العزيز بن مروان أهدى إليه مائتى جارية من
__________________
(١) وهو أبو الخلفاء الأمويين لأن كل أولاده تقلدوا منصب الخلافة الأموية.