فدخلاها ، ومضى أبو حاتم إلى طرابلس حين بلغه قدوم يزيد بن حاتم ولحق جميل بن حجر وأصحابه يزيد وهو بسرت وأقاموا إلى أن لقيه أبو حاتم فقتله ، فيقال إنّه كان بين الجند والبربر من لدن قاتلهم عمرو بن حفص إلى انقضاء أمرهم ثلاثمائة وخمسا وسبعين وقعة.
ولاية يزيد بن حاتم بن قبيصة بن الملهب
حاله فى جوده وكرمه وشجاعته وبعد صيته ونفاذ رأيه وتقدمه ، وعلم الخاصة والعامة به يغنى عن كثير من شرح أمره. وقدم إفريقية فأزال الفساد منها وأصلحها ورتب القيروان فى أسواقها وجعل كل صناعة فى مكانها وجدد بناء المسجد الجامع ، حتى لو قيل إنه الذى مصرها لم يبعد من الحق لو قدمها ، ولكنه حسنها وزاد فى قدرها وكان غاية فى الجود ، وهو القائل :
ما يألف الدّرهم المضروب خرقتنا |
|
إلّا لماما قليلا ثمّ ينطلق |
يمرّ مرّا عليها ثمّ يلفظها |
|
إنّى امرؤ لم تحالف خرقتى الورق |
وكان يزيد كثير الشبه بجده الملهب فى حروبه ودهائه وكرمه وسخائه ، وكان له أولاد مذكورون مشهورون بالشجاعة والإقدام والكرم والأنعام فى أيام أبيهم وبعد وفاته بالمشرق ، لما صاروا إليه ، يقال : إن الذى أوقع من الملهب إلى الأرض ثلاثمائة من الذكور والإناث بين من مات منهم ومن عاش ، وورثه ثمانية عشر ذكرا سوى الإناث ، رئيسهم بعد أبيهم يزيد بن الملهب.
وذكر المدائنى : أن سليمان بن عبد الملك الكلبى قدم عليه المهلب ، وقد ركب فى بنيه ، وقال : سرّ الله الإسلام بتلاحقكم وو الله لئن لم تكونوا أسباط نبوءة إنكم لأسباط ملحمة ، فقال الملهب : «لئن قلت ذلك ، فو الله ما ألقوا قط فى سواد إلا بيضوه