عامة الجند من القيروان ومعهم النضر بن حفص بن عمر بن معاوية ، فخرج ابن الجارود من القيروان مستهل صفر ، واستخلف عليها بن عباس اللطيفى. فكانت أيام عبد الله ابن الجارود سبعة أشهر.
وأقبل العلاء بن سعيد بن يحيى بن موسى متسابقين إلى القيروان ، فسبقه العلاء إليها ، فقتل جماعة من أصحاب الجارود ، فبعث إليه يحيى : أن يفرق جموعه إن كان فى الطاعة ، فأمر كل من كان معه أن ينصرفوا إلى مواضعهم ، ورحل العلاء فى نحو من ثلاثمائة من أصحابه وخاصته إلى طرابلس ، وكان ابن الجارود وصل إليها قبل وصول العلاء فلقى بها يقطين بن موسى ، فخرج معه سائرا يريد المشرق ، فلقوا هرثمة بن أعين بأجدابية فصيره إلى منصور بن زياد ببرقة ، فخرج به هو ويقطين حتى وصل إلى هارون الرشيد ، وكان العلاء قد كتب إلى منصور وهرثمة يعلمهما أنه هو الذى أخرج ابن الجارود من إفريقية وكتب إليه بالقدوم ، وأجازه بجائزة سنية ، ووصل إلى مصر ، وبلغ وصوله أمير المؤمنين هارون ، فكتب له بمائة ألف درهم ، سوى الكساء فلم يلبث إلا يسيرا حتى توفى بمصر.
ولاية محمد بن مقاتل بن حكيم العكى
لما كتب هرثمة إلى هارون ، يسأله المعافاة وجّه ابن مقاتل أميرا للمغرب ، وكان رضيع هارون ، وكان أبوه مقاتل من كبار أهل دعوتهم وجلة من قام فيها ، وكان من قحطبة ابن شبيب فى حروبه حتى ظهر أمر المسودة ، وكان مقاتل بن حكيم مع أبى جعفر لا يفارقه ، وولّاه على حرّان ، فلما خلع عبد الله بن على وحاصر مقاتل بن حكيم بحران ، ثم آمّنه واحتال عليه حتى قتله ، وكان جعفر بن يحيى شديد العناية بمحمد بن مقاتل. فقدم القيروان فى شهر رمضان سنة إحدى وثمانين ومائة ، ولم يكن بالمحمود السيرة ، فاضطربت أموره واختلف جنده ، ولم يكن من قبح سوء رأيه وسيرته وقبيح ما يؤثر من أخباره إلّا إقدامه على عابد زمانه وورع عصره البهلوان بن راشد فإنه ضربه بالسياط ظلما وحبسه ، وكان ...