يسمع كلامى وكلامك غيرنا ، فلما رأيت أعجب من أمرى وأمرك!» ، فلما سمع ذلك منه ابن الفارسى سر به ، فقال : «ما على أن أخرج فأكون قريبا منه فما فى يده قناة يعاجلنى بها ولا قوس يرمينى عنها» ، فخرج إليه فقال له : «ما حملك على ما صنعت ، ألم تكن المطاع المنظور إلى رأيه المقبول مشورته ، وجعل يشاغله بتدارك الكلام والنظر إلى موضع آخر ، وجعل ابن الفارسى لا ينظر إلى غيره مخافة حيله ، وقام طالب كما وصف له ابن الجارود حتى إذا أمكنه غدرته دفع عليه فرسه ، فما قدر أن يثنى عنانه حتى زهقه فدق قلبه وانهزم أصحابه ، وأصرع شيبة بن حسان ، ففى ذلك يقول عبد الله بن الجارود
لقد راعنى ابن الفارسى بكيده |
|
فوافق أمضى منه عزما وأكيدا |
عشية أدعوه ليسمع منطقى |
|
فأعجزه إصدار ما كان أوردا |
أشرت إلى ذى نجدة فانكفى له |
|
بأسمر خطى إذا نال أقصدا |
فما زال قاب القوس إلا عامل |
|
من الرمح دام بين حضنيه مزبدا |
فقل للعلاء قد أظلت محمدا |
|
منية يوم فارتقب مثلها غدا |
وقدم يحيى بن موسى خليفة هرثمة بن أعين طرابلس ، فصلى بالناس يوم عيد الأضحى وخطبهم ، وكتب يحيى إلى هرثمة يعلمه من قدم عليه من القواد ، منهم أبو العنبر التميمى ، والجنيد بن سيار الأزدى ، وجعفر بن محمد الربعى ، وشهاب بن حاجب التميمى ، وعبد الصمد العبدى وغيرهم ، وأقبل بعد ذلك خالد بن بشير الأزدى ، واستعجل أمر يحيى ، وأقبل العلاء بن سعيد فيمن معه يريد القيروان ، فلما بلغ ذلك ابن الجارود اجتمع ... الناس ، وأنه لا طاقة له به ولا قوة بلقائه ، كتب إلى يحيى بن موسى أن اقدم إلى القيروان ، فإنى مسلم سلطانها ، وأجاب إلى طاعته فخرج يحيى بن موسى بمن معه من طرابلس سنة تسع وسبعين ومائة فى محرم ، فلما بلغ قابس تلقى بها