فاجتاز موسى بالأموال والذّهب والفضة والجواهر والمراكب إلى طنجة ثم حملها على العجل ، فكانت وسق مائة عجلة وأربع عشر عجلة ، تبدّل عليها الأزواج فى كل مرحلة ، وقيل لرجل من أصحاب موسى يقال له أبو حميد : «كيف كانت المائدة؟» قال : «كانت من ذهب مشوب بشىء من فضة ملوّن بحمرة وصفرة ، وكانت مطوّقة بثلاث أطواق : طوق من ياقوت ، وطوق من زمرجد ، وطوق من لؤلؤ» قلت : «فلما كان يحملها؟» قال : لما كنا بباغاية أفلت بغل لرجل من أهل العسكر قطع ... الأخبية ، وإذا من فى العسكر موسى بن نصير أحمل (كذا) عليه حمائلا ، فما بلغ المرحلة حتى تفسّخت قوائمه قال : «إن موسى دعا ذلك الشيخ فقال له : «أين بلدك؟» فقال : «قرطاجنة» قال : موسى «كم أقمت بها؟ قال : «عمّرت به ثلاثمائة سنة وبالأندلس مائتى سنة».
خبر قرطاجنة ومن بناها
فقال : «كيف كان خبر قرطاجنّة ، ومن بناها؟» قال : «قوم من بقية آل عاد الذين هلك قومهم بالريح ، وبقيت بعدهم خرابا ألف عام ، حتّى أتى الزبير بن لاود بن ثمود الجبّار ، فبناها على البناء الأول ثم احتاج إلى الماء العذب ، فبعث إلى أبيه ، وكان أميرا على الشام ، وعمّه على السّند والهند ، وكان ملكه من قرطاجنّة إلى الأندلس ، فأرسل إليه أبوه المهندسين ، فهندسوا له الماء حتى وصلوا إلى قرطاجنّة» قال : «وكم كان عمره؟» قال : «سبعمائة سنة» فارتادوا له مجرى القناة أربعين سنة ، وكان لما حفر أساسه ، وجد حجرا مكتوبا فيه : «هذه المدينة علامة خرابها إذا ظهر فيها الملح». فبينما نحن ذات يوم فى غدير قرطاجنة إذ بان الملح على الحجر ، فعندها رحلت إلى هاهنا ، ثم إن موسى بن نصير ولىّ على الأندلس ابنه عبد العزيز وخلف معه حبيب بن أبى عبدة بن عقبة بن نافع وشخص موسى قافلا إلى الشام فوصل إلى مدينة القيروان ، فى آخر سنة خمس وتسعين فلم ينزلها ونزل منها على ميل من القيروان.
فحكى شيخ من أهل إفريقية .. الهمذانى : أن موسى بن نصير قعد فى مجلسه