خلون من المحرم ، فلما صار الأمر إلى إبراهيم بعث تمّام بن تميم ، والجلودى والطيفى وغيرهم من وجوه الجند الذين من شأنهم الوثوب على الأمراء والخروج عليهم إلى بغداد ، فحبسوا فى الطبق ، فخرج سلمة بن تميم إلى بغداد ، وتلطف حتى دخل إلى أخيه فى السجن ، فنزل إليه وعانقه وسلّم عليه ، وخرج من عنده ، فلزم باب رجل من جلّة أصحاب السلطان فاستأذن عليه وسأله أن يرفع خبره إلى الرشيد أمير المؤمنين ، فاستأذن له عليه فدخل ، فأعلمه بنفسه وقال : «يا أمير المؤمنين كان أبى من وجوه القواد ، قواد جدك المنصور أمير المؤمنين ، فأمر له بصلة وكسوة وأن ينزل فى دار الضيافة ، ووعده بإطلاق أخيه تمام وأن يرجع إلى إفريقية ، فبلغ ذلك إبراهيم ، فبعث إلى امرأة كانت تعالج لتمام ما يشتهى أن تسمّه فيه ، قال : فاشتهى حوتا فسمته له ، فأكل فمات ، فلما كان بعد ذلك دعا هارون الرشيد بالسجّان فأمره بإحضار تمام فأعلمه بوفاته ، فأخرج صاحبيه الجلودى والطيفى فولى الجلودى الحرمين والطيفى بعض عمله ، ودخل سلمة إلى أمير المؤمنين فترحّم على تمام ، وأمر لسلمة بسجل إلى إبراهيم بن الأغلب ليعلم قدره وقدر أهل بيته ويجعلهم فى أوفر الصلاة ، ورفع عنهم الخراج فيما صار إليهم من الضيّاع ، وأن يستعين بهم فى الأعمال ، وأمر له بجائزة وصرفه إلى إفريقية. فلما وصل إلى إبراهيم أنزله معه فى القصر وأكرمه وولّاه ولايات كثيرة. وسنذكر ولاية إبراهيم من الرشيد أمير المؤمنين إن شاء الله تعالى.
ابتداء دولة بنى الأغلب
ولاية إبراهيم بن الأغلب بن سالم التميمى
كان إبراهيم بن الأغلب فقيها ديّنا ، عالما شاعرا خطيبا ، ذا رأى وبأس وحزم وعلم بالحروب ومكائدها ، جرىء الجنان طويل اللسان ، حسن السيرة. ولم يل إفريقية قبله أحد من الأمراء أعدل منه سيرة ولا أحسن سياسة ولا أرفق برعيّة ، ولا أضبط بأمر ، وكان كثير [الطلب] للعلم والاختلاف إلى الليث بن سعد الفقيه ، والليث وهب له جلاجل ،