أمّ زيادة الله ابنه ... إبراهيم خرج يوما من عند الليث ، فلقى غلمان الليث ... المائدة ، فرجع إبراهيم ودخل المجلس فأكل معه فأعجب ذلك الليث وسرّه ، وقال : «لتكوننّ لهذا نبأ وشأن» فلما أراد إبراهيم الخروج إلى المغرب أتى الليث ليودعه فقال له : «يا أبا إسحاق ، قد كنت رأيتك تطرب إلى هذه الجارية ـ يعنى جلاجل ـ وهى أديبة ذكية ، وأنت خارج وقد وهبتها لك ، فاقبلها» ، وكانت الجارية بكرا فافتضها من ليلتها وخرج بها حتى وصل إلى الزاب وعلى إفريقية الفضل بن روح ، فلقى من تعصبه وسوء مجاورته عظيما ، وأقام أخوه عبد الله بن الأغلب بمصر ، وكان ذا نعمة عظيمة ، وتوفى عبد الله بمصر فترحّل بنوه إلى إفريقية.
حكى أحمد بن ميسر ، قال : قرأت بمصر على قبر عبد الله بن الأغلب وعلى قبر من قد مات : «قف ثم ناده ، أيا من خلت فى الأرض منه المنازل ، بنيت فلم تسكن ولم تأكل الذى جمعت ولا أدركت ما كنت تأمل» ، وكانت ولايته الزاب من قبل هارون ، وابن العكى على إفريقية ، وذكرنا نصرته له ومعاونته إياه ومحاربته تمام.
قال محمد بن الوكيل ، قال : إنى سمعت إبراهيم بن الأغلب ونحن نريد إفريقية وقد خلف أهله بمصر ينشد :
ما سرت ميلا ولا جاوزت مرحلة |
|
إلّا وذكرك يلوى دائما عنقى |
ولا ذكرتك إلّا كنت مرتقبا |
|
أرعى النّجوم كأنّ الليث معتنقى |
وهو القائل :
ألم ترنى بالكيد أرديت راشدا |
|
بأخرى وإنّى لابن إدريس راصد |
تناوله عزمى على نأى داره |
|
بمختومة فى طيّهن المكائد |
فمات أخو عكّ بمهلك راشد |
|
وقد كنت فيها شاهدا وهو شاهد |