وكان راشد هذا قد علا أمره بالمغرب واستفحل. وهو مولى أدريس بن عبد الله بن حسن ، وكانت همّته غزو إفريقية لما هو فيه من القوّة والكثرة ، ولم يزل يكيده ويدسّ فى أصحابه ويبذل لهم الأموال إلى أن اغتالوه ، فقتلوه وبعثوا برأسه إليه ، فبعثه إلى محمد ابن مقاتل ، فبعثه محمد بن مقاتل إلى الرشيد ونسب الأمر كله إلى نفسه ، فبعث صاحب بريد المغرب إلى هارون بصنيع إبراهيم فى راشد. فلما قرأ هارون كتاب ابن العكى قال : «كذب صاحب البريد أصدق» وحسّن ذلك لإبراهيم عند الرشيد.
وأما حديث إدريس مولاه ، فإن الحسن بن على بن الحسن بن على بن أبى طالب ـ رضوان الله عليه ـ كان قدم قام بالمدينة سبعة أيام ... موسى الهادى ، ثم خرج إلى مكة فى ذى القعدة سنة سبع وستين ومائة ، وخرج معه جماعة من أخوته ... منهم يحيى وإدريس بنى عبد الله بن الحسين بن على ، وبلغ ذلك الهادى فولّى حربه محمد بن سليمان ابن على ، وكانت الوقعة بفخّ ، فقتل الحسن بن على وأكثر أصحابه ، وأفلت أدريس بن عبد الله بن حسن بن على بن أبى طالب ـ رضى الله عنهم ـ فوقع إلى مصر وكان على بريدها واضح مولى صالح بن منصور ، وكان رافضيا فحمّله على البريد إلى أن صار إلى المغرب ، فوقع بمدينة مليلة من طنجة ، فاستخلف له من بها وبأعراضها من البربر ، وولى الرشيد فبلغه أمره ، فبعث إلى واضح فضرب عنقه ودس إلى إدريس الشماخ التميمى مولى ... وكتب له كتابا إلى إبراهيم بن الأغلب ، فخرج حتى وصل إلى مليلة ، فذكر أنه متطبب وأنه من شيعته ، ووصل إلى إدريس فوصله واطمأن إليه ، ثم إنه شكا إليه علة فى أسنانه ، فأعطاه سنونا مسموما قاتلا ، وأمره أن يستنّ به عند طلوع الفجر ، فأخذه منه وهرب الشماخ من تحت ليلته. فلما طلع الفجر استن منه إدريس ، فسقطت أسنانه ومات من وقته ، وطلب الشمّاخ فلم يظفر به ، وقدم على إبراهيم بن الأغلب فأخبره بما كان منه.
قال وجاءته قبل مقدمه الأخبار بموت إدريس ، فكتب ابن الأغلب إلى الرشيد بذلك ، فولى الشمّاخ بريد مصر ، وأحسن إليه.
وولد لإدريس ولد فسمى باسم أبيه ، ونشأ فيهم فعظّموه ، فعامة من بالمغرب من